للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلى طبيعة النظر في هذا الحقل، ويوجه قارئ عبد القاهر من أول الطريق إلى تطلب أشياء وراء الذي يقول ثم أنه في هذا النص يقودنا إلى مسالك في البحث اللغوي يكون فيها أشبه بالبحث في الجنس والمزاج والأحوال النفسية والروحية، وهذا يجعل خصائص تراكيب لغوية، لأنه كما يقول:

لا يتصور في الألفاظ وجوب تقديم وتأخير، وتخصيص في ترتيب وتنزيل، وإنما هي خصائص أفكار وخواطر يتصور فيها وجوب ترتيب".

ثم يقول: "وهذا بين إلى أي مدى عجز المخالفون عن تمثل هذا الدرس بطريقته التي أرشد إليها هذا الشيخ منذ ثمانية قرون وأن هذا الذي نقدمه ليس إلا قشوراً بجانب اللباب الذي ينتظر نقاباً نابهاً يبحث عنه. (١)

وهكذا تنبه الدكتور محمد أبو موسى إلى أن عبد القاهر إنما وضع أرضية قوية بالغة الأهمية لدراسة كتابيه، وهو يبدأ تجربته في دراسة البلاغة إذ بها يستطيع قارئ عبد القاهر أن يتفهم ما يريد، من بين كلماته، ويلمح ما يوحي إليه من خلال عباراته ويصل إلى الغاية التي يتطلبها، والطلبة التي ينشدها، فلا يحيد عن جادة الطريق التي رسمها، ولا يضل ضلال أولئك الذين عجزوا عن تمثل هذا الدرس بطريقته التي لأرشد إليهما عبد القاهر منذ ثمانية قرون!


(١) خصائص التراكيب صـ ٤، صـ ٥