للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يستطع أن يؤدي صلاة الأضحى الذي صادف يوم الثلاثاء، وهو الذي لم يترك صلاة جمعة ولا جماعة، وصلى الجمعة التي تلي العيد، ثم توجه إلى زوجته الحلبية، وكأنه أحس بدنو أجله، فاعتذر عن انقطاعه عنها واسترضاها وكان ينشد [البسيط] :

ثاء الثلاثين قد أوهت قوى بدني ... فكيف حالي وثاء الثمانينا١

وتردد إليه الأطباء، وهرع الناس من الأمراء والقضاة والمباشرين لعيادته، وقبل منتصف شهر ذي الحجة من سنّة ٨٥٢ هـ أشيع أن شيخ الإسلام قد توعك فأنشأ يقول [من المجتث] :

اشكو إلى الله ما بي ... وما حوته ضلوعي

قد طال السقم٢ جسمي ... بنزلة وضلوعي

وكان مرضه قد دام أكثر من شهر، حيث أصيب بإسهال ورمي دم "ديسانتري"، غير أن السخاوي يقول: "ولا أستبعد أنه أكرم بالشهادة فقد كان طاعون قد ظهر".

ثم أسلم الروح إلى بارئها في أواخر شهر ذي الحجة من سنّة اثنتين وخمسين وثمانمائة. واختلف مترجموه في تحديد تاريخ يوم وفاته، كما اختلفوا في تحديد يوم ولادته، على أنهم يتفقون جميعاً تقريباً على أنها- وفاته- كانت في ليلة السبت من ذي الحجة، والاختلاف ينحصر في تحديدهم لأي سبت منه، وهذا يرجع إلى أن الأرقام عرضة للتحريف أكثر من غيرها فجلعها بعضهم في الثامن والعشرين من ذي الحجة، وجعلها آخرون في التاسع عشر منه، على حين ذكرها فريق ثالث في ثامن عشر من ذي الحجة سنّة ٨٥٢ هـ.

وترك وصيته التي نقل السخاوي نصها، مستقاة من سبطه يوسف بن شاهين، ومما ورد فيها أنه أوصى لطلبة الحديث النبوي والمواظبين على حضور مجالس الإملاء بجزء من تركته.

وفي أواخر أيامه عاده قاضي القضاة سعد الدين بن الديري الحنفي فسأله عن حاله فأنشده أربعة أبيات من قصيدة لأبي القاسم الزمخشري هي [من الكامل] :

قرب الرحيل إلى ديار الآخرة ... فاجعل إلهي خير عصري آخره

وارحم مبيتي في القبور ووحدتي ... وارحم عظامي حين تبقى ناخرة

فأنا المسيكين الذي أيامه ... ولت بأوزار غدت متواترة

فلئن رحمت فأنت أكرم راحم ... فبحار جودك يا إلهي زاخرة

وصلي عليه بمصلاة بكتمر المؤمن، حيث أمر السلطان جقمق بأن يحضر إلى هناك ليصلي عليه، وتقدم في الصلاة عليه الخليفة بإذن من السلطان.


١ تقطع الهمزة للضرورة.
٢ تقطع الهمزة للضرورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>