للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَذَلِكَ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيِّ سَمِعْت مَالِكًا وَسَأَلَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ أَحَدَّثَك دَاوُد عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَهُ دُونَ مَا فِي آخِرِهِ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ مِنْ صَحِيحِهِ ذَلِكَ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ١.


=والمشهور: أنه يخرص جميع النخل والعنب، ولا يترك للمالك شيئا، وما صح من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث، فدعوا الربع" حمله الشافعي رضي الله عنه على تركهم له ذلك من الزكاة، ليفرقه بنفسه على فقراء أقاربه وجيرانه لطعمهم في ذلك منه، لا على ترك بعض الأشجار من غير خرص جمعا بينه وبين الأدلة المطالبة لإخراج زكاة التمر، والزبيب وفي قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فخذوا ودعوا" إشارة لذلك أي: إذا خرصتم الكل فخذوا بحساب الخرص، واتركوا له شيئا مما خرص، فجعل الترك بعد الخرص المقتضي للإيجاب، فيكون المتروك له قدرا يستحقه الفقراء ليفرقه هو.
والثاني: أنه يترك للمالك، ثمر نخلة، أو نخلات يأكله أهله، تمسكا بظاهر الخبر المذكور، وهو صحيح لم يتكلموا فيه بجرح ولا تعديل، رواه أبو داود والترمذي والنسائي ثم إنه يكفي خارص واحد على المشهور؛ لأن الخرص نشأ عن اجتهاد فكان كالحاكم، وما روي من أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يبعث مع ابن رواحة واحدا يجوز أن يكون معينا، أو كاتبا.
وقيل يشترط اثنان، كالتقويم والشهادة.
وقطع بعضهم بالأول.
ولا فرق في هذا بين ما إذا كان صبيا أو مجنونا أو غيرهما.
وقيل: إذا كان صبيا، أو مجنونا، أو سفيها، اشترط اثنان، وإلا كفى واحدا، ولا يجوز للحاكم بعث الخارص، إلا بعد ثبوت معرفته عنده، ولا يكفي مجرد قوله، فإن لم يبعث الحاكم خارصا، أو لم يكن حكم المالك عدلين عامين بالخرص يخرصان عليه لينتقل الحق إلى الذمة، ويتصرف في الثمرة، ولا يكفي واحد احتياطا للفقراء، ولأن التحكيم هنا على خلاف الأصل رفقا بالمالك، ومحل جواز الخرص إذا كان المالك موسرا، فإن كان معسرا فلا لما فيه من ضرر المستحقين.
ولو اختلف الخارصان في المقدار، وقف الأمر إلى تبين المقدار منهما أو من غيرهما.
وقيل: يؤخذ بالأقل، لأنه اليقين، وقيل: يخرصه ثالث، ويؤخذ بقول من هو أقرب إلى خرصه، ولا يكفي خرصه هو، وإن احتاط للفقراء؛ لاتهامه، وإنما صدق في عدد الماشية؛ لأنه إذا ادعى دون ما ذكره الساعي فقد ادعى عدم الوجوب، وهو الأصل من أن الساعي ثم يمكنه من العدد، فإن رأى منه ريبة عد، وهنا تحققنا الوجوب، وهو متعلق بالعين، ويريد نقله من العين إلى الذمة والأصل عدم انقطاع التعلق بالعين، فعمل بالأصل فيهما.
١ أخرجه مالك ٢/٦٢٠، كتاب البيوع: باب ما جاء في بيع العرية، الحديث ١٤، والبخاري ٤/٣٨٧، كتاب البيوع: باب بيع الثمر على رؤوس النخل بالذهب أو الفضة، الحديث ٢١٩٠، وفي ٥/٥٠، كتاب المساقاة: باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو في نخل، الحديث ٢٣٦٢، ومسلم ٣/١١٧١، وأبو داود ٣/٦٦٢، كتاب البيوع: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، الحديث ٧١/١٥٤١، وأبو داود ٣/٦٦٢، كتاب البيوع: باب في مقدار العرية، الحديث ٣٣٦٤، والترمذي ٣/٥٩٥، كتاب البيوع: باب ما جاء في العريا، الحديث ١٣٠١، والنسائي ٧/٢٦٨، كتاب البيوع: باب بيع العرايا بالرطب، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/٣٠، كتاب البيوع: باب العرايا، كلهم من طيق مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة به.

<<  <  ج: ص:  >  >>