للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَحَدِيثُهُ كَتَبَ إلَى كَسْرَى١، وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ كَتَبَ إلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ٢، وَغَيْرُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَمَرَ الْكَاتِبَ وَيُشْعِرُ بِذَلِكَ هُنَا قَوْلُهُ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ لَمَّا امْتَنَعَ الْكَاتِبُ أَنْ يَمْحُوَ لَفْظَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرِنِي فَمَحَاهُ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ لَمَا احْتَاجَ إلَى قَوْلِهِ أَرِنِي فَكَأَنَّهُ أَرَاهُ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَبَى أَنْ يَمْحُوَهُ فَمَحَاهُ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثُمَّ نَاوَلَهُ لِعَلِيٍّ فَكَتَبَ بِأَمْرِهِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَلَى تَقْدِيرِ حَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّهُ كَتَبَ ذَلِكَ الْيَوْمَ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْكِتَابَةِ وَلَا بِتَمْيِيزِ حُرُوفِهَا لَكِنَّهُ أَخَذَ الْقَلَمَ بِيَدِهِ فحط بِهِ فَإِذَا هُوَ كِتَابَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى حَسْبِ الْمُرَادِ وَذَهَبَ إلَى هَذَا الْقَاضِي أَبُو جَعْفَرٍ السَّمْنَانِيُّ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ظَاهِرِ الْحَدِيثِ إلَّا أَنَّهُ كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهَذَا لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكْتُبَهُ الْأُمِّيُّ كَمَا يَكْتُبُ الْمُلُوكُ عَلَامَتَهُمْ وَهُمْ أُمِّيُّونَ.

١٤٥١ - فَصْلٌ وَأَمَّا الشِّعْرُ فَكَانَ نَظْمُهُ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ بِاتِّفَاقٍ لَكِنْ فَرَّقَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بَيْنَ الرَّجَزِ وَغَيْرِهِ من البحور فقالوا يَجُوزُ لَهُ الرَّجَزُ دُونَ غَيْرِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّ الرَّجَزَ ضَرْبٌ مِنْ الشِّعْرِ وَإِنَّمَا ادَّعَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشِعْرٍ الْأَخْفَشُ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ وَإِنَّمَا جَرَى الْبَيْهَقِيُّ لِذَلِكَ ثُبُوتُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ٣، فَإِنَّهُ مِنْ بُحُورِ الرجز ولا حائز أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَمَثَّلَ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَقُولُ أَنَا النَّبِيُّ وَيُزِيلُ


١ أخرجه البخاري ٦/٢٠٨ –الفتح، كتاب الجهاد والسير: باب دعوة اليهود والنصارى، وما كتب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى كسرى وقيصر، حديث ٢٩٣٩، وأخرجه أحمد ١/٢٤٣، من حديث ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث بكتابه إلى كسرى فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين فيدفعه عظيم البحرين إلى كسرى ... فذكره.
٢ حديث عبد الله بن عكيم الجهني. أخرجه الترمذي ٤/٤٠٣، كتاب الطب: باب ما جاء في كراهية التعليق، حديث ٢٠٧٢، وأخرجه أحمد في المسند ٤/٣١٠، عن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
قال دخلت على عبد الله بن عكيم أبي معبد الجهني أعوده وبه حمرة، فقلنا: ألا تعلق شيئا؟ قال: الموت أقرب من ذلك. قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من تعلق شيئا وكل إليه".
قال الترمذي: وعبد الله بن عكيم لم يسمع من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: كتب إلينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٣ أخرجه البخاري ٦/١٦٠ –الفتح، كتاب الجهاد والسير: باب من قاد دابة غيره في الحرب، حديث ٢٨٦٤، ومسلم ٦/٣٥٦، ٣٥٨ –نووي، كتاب الجهاد والسير: باب من في غزوة حنين، حديث ٧٨-١٧٧٦، والترمذي ٤/١٩٩، ٢٠٠، كتاب الجهاد: باب ما جاء في الثبات عند القتال، حديث ١٦٨٨، وأخرجه أحمد في المسند ٤/٢٨١، والبيهقي في السنن الكبرى ٩/١٥٥، كتاب السير: باب الترجل عند شدة البأس، وفي دلائل النبوة ١/١٣، وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ١/٢٢، من حديث البراء بن عازب.

<<  <  ج: ص:  >  >>