للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَكَلُّفِ تَخْرِيجِ الْأَحَادِيثِ فِيهِ وَهُنَّ عَائِشَةُ ثُمَّ سَوْدَةُ ثُمَّ حَفْصَةُ ثُمَّ أُمُّ سَلَمَةَ ثُمَّ زَيْنَبُ بِنْتُ


=وهكذا تطاولوا على ذلك المقام المقدس مقام النبوة. كل شبهتهم تنحصر في أن من على القانون يختلجه الشك والريب إذا رأى أن المشرع قد اختص بما لم يبحه لغيره.
وكيف يتزوج الرسول تسعا ويمنع غيره مما زاد على الأربع. وسنن الأنبياء تأبي ذلك ألم تر إلى ما حكى الله عن شعيب: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت} هود ٨٨، وها هنا المخالفة واضحة.
واستعصى عليه فهم جواز مخالفة القانون ولو بحجة الخصوصية.
وها نحن نذكر ما فيه الكفاية والرد والشبهة وإزالة الإلباس وبيان الحكمة بدليل مقنع وحجة واضحة.
تعادل المساواة بين ما أبيح للرسول وما أبيح لسائر المؤمنين.
حرم الله على الرسول أن يتزوج غير ما أبيح له الجمع منهن وأن يستبدل بهن من أزواج، وكان للمسلم من الأربعة غيرها بحيث يتزوج غيرها ويطلقها والرسول محرم عليه ذلك قال تعالى: {لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك} الأحزاب: ٥٢.
قال البيضاوي: لا يحل لك النساء بعد اليوم حتى لو ماتت إحداهن لم يحل له نكاح أخرى.
وقال ابن عباس إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما خيرهن فاخترن اله ورسوله شكر لهن ذلك وحرم عليه النساء سواهن ونهاه عن تطليقهن وعن الاستبدال بهن، فتبين منه أن القانون قد اشتدت وطأته على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعل لهن أن يأمن الطلاق والاستبدال وسواهن لا يأمن طلاقا أو استبدالا.
فكثرة العدد له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقابل الحصر والمنع، وقلة العدد عند المسلمين مقرونة بالتوسعة استبدالا وطلاقا، فلئن ضيق على المسلمين في الكم فقد ضيق عليه في الكيف، ولكن وسع عليه في الحكم فقد وسع عليكم في الكيف فالمساواة متعادلة ضيقا وسعة، وإذا نظرنا إلى ما تقدم أمكننا أن نحكم بأن هناك مساواة حقيقية بين ما أبيح للرسول وما أبيح لسائر المؤمنين، بل أكثر من هذا يمكن القول بأن ما أبيح لغيره أوسع دائرة مما أبيح له عليه السلام.
وكيف وقد روينا فيما تقدم أن سيدنا الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما تزوج بطريق الاستبدال أكثر من مائتي امرأة والله يقول في حق الرسول: {لا يحل لك النساء} الآية.
ولنا أن نقول إن إباحة الجمع له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قبيل الخصوصية وإنه راعى المصلحة في اختيار كل زوجة من أزواجه عليهم الرضوان في التشريع والتأديب فجذب إليه كبار القبائل بمصاهرتهم وعلم أتباعه احترام النساء وإكرام كرائمهن والعدل بينهن وقرر الأحكام بذلك وترك من هذه بعده أمهات للمؤمنين يعلمن نساءهم من الأحكام ما يليق بهن مما ينبغي أن يتعلمنه من النساء دون الرجال ومما سنذكره من الحكمة الخاصة والعامة بتعدد زوجات الرسول يتبين أنه لم يكن يريد بالتعدد ما أراده الملوك والأمراء من التمتع بالحلال والجري وراء الشهوة ولو كان يريد ذلك لاختار حسان الأبكار على أولئك الثياب المكتهلات كما قال لمن اختار ثيبا: "هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك".
الحكمة من اختيار كل زوجة من أمهات المؤمنين.
السيدة خديجة: تزوجه لها جاء على مقتضى الفطرة فالحكمة في اختيارها ظاهرة ...
السيدة سودة بنت زمعة: تزوجها الرسول بعد وفاة السيدة خديجة والحكمة في اختيارها أن زوجها توفي بعد الرجوع من هجرة الحبشة الثانية وكانت رضي الله عنها من المؤمنات المهاجرات الهاجرات لأهلهن خوف الفتنة ولو عادت لأهلها، بعد وفاة زوجها وكان ابن عمها لعذبوها وفتنوها فكفلها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكافأها بهذه المنة العظيمة ... ==

<<  <  ج: ص:  >  >>