للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِدُعَائِهِ الشَّخْصَ الْمُصَلِّيَ وَوُجُوبُ إجَابَتِهِ مَا إذَا سَأَلَ مُصَلِّيًا عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ إجَابَتُهُ ولا تبطل صلاته وهنا فَرْعٌ حَسَنٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَلَّمَهُ مُصَلٍّ ابْتِدَاءً هَلْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا مَحَلُّ نَظَرٍ.

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ رَفْعُ صَوْتِهِ فَوْقَ صَوْتِهِ لِقَوْلِهِ تعالى: {يأيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ ... } وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ تَوَعَّدَ عَلَى ذَلِكَ بِإِحْبَاطِ الْعَمَلِ فَدَلَّ عَلَى التَّحْرِيمِ بَلْ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَغْلَظِ التَّحْرِيمِ وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُ لَا أُكَلِّمُك بَعْدَ هَذَا إلَّا كَأَخِي السِّرَارِ١ وَفِيهِ قِصَّةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ٢ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ نِسْوَةً كُنَّ يُكَلِّمْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ٣ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَبْلَ النَّهْيِ.

قَوْلُهُ وَأَنْ يُنَادِيَهُ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ دَلِيلُهُ الْآيَةُ أَيْضًا وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ أَيْ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مِنْ الأحكام الشرعية أن لا يفعل ذلك أهمل التَّقَدُّمُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْجَهْرُ لَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمَا مُسْتَفَادَانِ مِنْ الْآيَةِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ وَأَنْ يُنَادِيَهُ بِاسْمِهِ دَلِيلُهُ آيَةُ النُّورِ {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ... } وَعَلَى هَذَا فَلَا يُنَادِيهِ بِكُنْيَتِهِ.

وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي ذَلِكَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ فَإِمَّا أَنْ يكون قبل أن يسلم الْقَائِلُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ.

قَوْلُهُ وَكَانَ يُسْتَشْفَى وَيُتَبَرَّكُ بِبَوْلِهِ وَدَمِهِ تَقَدَّمَ ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي الطَّهَارَةِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي قِصَّةِ أُمِّ أَيْمَنَ مِنْ الْفِقْهِ أَنَّ بَوْلَهُ وَدَمَهُ يُخَالِفَانِ غَيْرَهُمَا فِي التَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ وَكَانَ السِّرُّ فِي ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَنِيعِ الْمَلَكَيْنِ حِينَ غَسَلَا جوفه.


١ كأخي السرار: قال ابن الأثير في النهاية ٢/٣٦٠: السرار: المساررة: أي كصاحب السرار، أو كمثل المساررة لخفض صوته، والكاف صفة لمصدر محذوف.
٢ أخرجه البخاري ١٥/٢٠٦، الفتح، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب ما يكره من التعمق، حديث ٧٣٠٣، وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ١١/٣٨٠، رقم ٣١٦٧٣، وزاد نسبته السيوطي في الدر المنثور ٦/٨٦ لابن المنذر والطبراني، عن ابن أبي مليكة قال: كاد الخيران أي: يهلكا أبو بكر، وعمر ... فذكره.
٣ أخرجه البخاري ٩/٥٦٦- الفتح، كتاب التفسير: باب {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} الحجرات ٢..الآية. حديث ٤٨٤٦، ومسلم ١/٤١٠، ٤١١ – نووي، كتاب الإيمان مخافة المؤمن أن يحبط عمله، حديث ١٨٧-١١٩، وأخرجه أحمد ٣/١٤٥، وعبد بن حميد ص ٣٦٣، رقم ١٢٠٩، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وذكره السيوطي في الدر المنثور ٦/٨٧، وزاد نسبته لأبي يعلى والبغوي في معجم الصحابة، وابن المنذر، والطبراني وابن مردوي والبيهقي في الدلائل عن أنس به.

<<  <  ج: ص:  >  >>