للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

......................................................................................


= أما السنة: فأولا: ما روي عن أبي الزناد، وعن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الشغار، ووجه الدلالة من هذا الحديث أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الشغار، والنهي يدل على فساد المنهي عنه، فوجب أن يكون الشغار فاسدا، وهذا الذي روي عن أبي هريرة روي مثله أيضا صحيحا مسند عن ابن عمر، فقد روي عنه أنه قال: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الشغار، متفق عليه، وروي أيضا من طريق جابر، وأنس.
ثانيا: ما روي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا شغار في الإسلام" وهذا يحتمل أمرين: نفي وجود الشغار في الإسلام، ونفي صحته، ولا شك أن وجوده في الإسلام واقع، فتعين حمل الكلام على نفي الصحة.
وأما المعقول: فقد قالوا فيه: إن كل واحد منهما جعل بضع موليته مورد للنكاح، وصداقا للأخرى، وذلك يوجب فساد العقد، كما لو زوج موليته من رجلين، وقد قيل للمالكية، ومن معهم في الأحاديث ما يأتي: أولا: إن النهي عن نكاح الشغار، ونكاح الشغار هو النكاح الخالي عن العوض، وما هنا نكاح بعوض وهو مهر المثل، فلا يكون شغارا، وترد هذه المناقشة بأن القول بأن هذا نةكاح بعوض وهو مهر المثل غير مستقيم، فإن مهر المثل إنما أوجبتموه أنتم لتصحيح مذهبكم، وذلك أن الواقع في العقد إنما هو جعل بضع كل منهما في مقابلة بضع الآخرى.
وثانيا: أن النهي يحمل على الكراهة، ويرد هذا بأن الأصل في النهي أن يكون للتحريم، ولا يحمل على الكراهة إلا الدليل، ولا دليل هنا، لا سيما أن الشغار كان من أنكحة الجاهلية، فرفعه الإسلام، ولذلك قال الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا شغار في الإسلام" وأما تفرقة الشافعية بين ما إذا جعل بضع كل منهما صداقا للأخرى، وبين ما إذا لم يجعل بضع كل منهما صداقا للأخرى، حيث حكموا بالفساد في الصورة الأولى، دون الثانية، فتفرقة غير ظاهرة فإن نفي الصداق معناه جعل بضع كل منهما صداقا للأخرى، ولم لم يصرحا بذلك.
المسألة الثانية: إذا سميا لكل واحدة منهما صداقا وهو المسمى بوجه الشغار، أو سميا لواحدة منهما دون الأخرى، وهو المركب منهما.
اختلف الفقهاء في صحة النكاح وفساده في هذه الحالة أيضا:
فتذهب المالكية، والظاهرية إلى القول بالفساد في هذه الحالة أيضا، وهو الصحيح من مذهب الحنابلة، قال ابن شهاب الدين الرملي: ولو سميا أو أحدهما مالا مع جعل البضع صداقا كأن قال: وبضع كل وألف صداق الأخرى بطل في الأصح لبقاء معنى التشريك، والثاني: يصح، لأنه ليس على صورة تفسير الشغار، لأنه لم يخل عن المهر.
وذهب الحنابلة إلى التفصيل، فقالوا: إذا سميا لكل واحدة صح النكاح، ولهم في المهر روايتان فقيل: تفسد التسمية، ويجب مهر المثل، لأن كل واحد منهما لم يرض بالمسمى، إلا بشرط أن يزوج فبطل، وعند بطلان المسمى يرجع إلى مهر المثل، والرواية الثانية: أنه يجب المسمى لأنه ذكر قدرا معلوما يصح أن يكون مهر فصح.
وأما إن سميا صداقا لواحدة دون الأخرى، فقيل: يفسد النكاح فيهما، وقيل: يفسد في التي لم يسم لها صداق، ويصح في التي سمي لها مهر.==

<<  <  ج: ص:  >  >>