للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ بَعْضُهُمْ نُسِخَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقِيلَ أَكْثَرَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ فِي


= أثق به لأستطيع استيفاء الكلام على مذهبهم في المتعة رأيت أن أكتفي بما قاله شرف الدين الصنعاني، وهو من علماء الشيعة، فإنه بعد أن ذكر الحديث عن علي قال ما نصه: والحديث يدل على تحريم نكاح المتعة للنهي عنه، وهو النكاح المؤقت إلى أمد مجهول أو معلوم، وغيته إلى خمسة وأربعين يوما ويرتفع النكاح بانقضاء الوقت المذكور في المنقطعة الحيض، والحائض بحيضتين، والمتوفى عنها بأربعة أشهر وعشر، ولا يثبت لها مهر ولا نفقة، ولا توارث ولا عدة إلا الاستبراء بما ذكر ولا نسب يثبت به، إلا أن يشترط وتحرم المصاهرة بسببه هكذا ذكره في بعض كتب الإمامية، وأنا اذكر دليل الإمامية والرد عليه.
استتدل الإمامية على القول بإباحة المتعة بالكتاب، والأثر والمعقول والإجماع.
أما الكتاب: فقول الله تعالى: {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن} [النساء: ٢٤] فإنهم حملوا الاستمتاع في الآية على المتعة، وقالوا: المراد بقوله تعالى: {فآتوهن أجورهن} [النساء: ٢٤] أجر المتعة، ومما يؤيد أن الآية في المتعة قراءة أبي وابن عباس {فما استمتعتم به منهن} إلى أجل فهي صريحة في المتعة.
وأما الأثر، فأولا: ما روي أن ابن عباس كان يفتي بالمتعة، ووجه الدلالة من هذا أنهم قالوا: لو لم تكن المتعة مباحة لما أفتى بها ابن عباس إذ لا يليق بمثله أن يفتي بها مع أنها محرمة.
وثانيا: بما روي عن جابر رضي الله عنه قال: تمتعنا على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وصدر من خلافة عمر ثم نهانا عمر، ووجه الدلالة من هذا أن جابرا رضي الله عنه أخبر أنهم استمتعوا في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي خلافة أبي بكر، وفي صدر من خلافة عمر وهذا يدل على أن المتعة مباحة، وإنما نهى عنها عمر من باب السياسة الشرعية.
وأما المعقول: فقد قالوا: إنها منفعة خالية من جهات القبح، ولا نعلم فيها ضررا عاجلا، ولا آجلا، وكل ما هذا شأنه فهو مباح، فالمتعة مباحة.
وأما الإجماع: فإنهم قالوا: أجمع أهل البيت على إباحتها.
وتناقش هذه الأدلة التي تمسك بها الإمامية بما يأتي:
أما الآية فيقال لهم فيها أنها بمعزل عن الدلالة لكم، إذ هي محمولة على النكاح الدائم، وما يجب للمرأة من المهر كاملا إذا استمتع بها الزوج، ويؤيد هذا أنها وردت في سياق الكلام على النكاح بالعقد المعروف بعد الكلام على أجناس يحرم التزوج بها، وتسمية المهر أجرا لا يدل على أنه أجر المتعة، فقد سمي المهر أجرا في غير هذا الموضع كقوله تعالى: {يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن} [الأحزاب: ٥٠] ، أي: مهورهن، وكقوله تعالى: {فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن} [النساء:٢٥] أي مهورهن، وأما قراءة أبي وابن عباس، فهي شاذة، والقراءة الشاذة لا تعارض القطعي وهي الآية الدالة على التحريم، وهي قوله تعالى: {إلا على أزواجهن أو ما ملكت أيمانهم} [المؤمنون:٦] مع أن الدليلين إن تساويا في القوة وتعارضا في الحل والحرمة قدم دليل الحرمة منهما، ويقال لهم فيما روي عن ابن عباس: أنه ثبت رجوعه عنه، وقد كان يفتي بها أولا، لأنه فهم منه نهي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنها يوم خيبر، ثم إباحتها يوم الفتح ثم نهيه عنها بعد ذلك، أن الإباحة كانت للضرورة، والنهي عند ارتفاعها، يؤيد ذلك ما روي عن شعبة عن أبي جمرة: قال: سمعت ابن عباس سئل عن متعة النساء فرخص فيها، فقال له مولى له: إنما ذلك في الحال الشديد، وفي النساء قلة، فقال ابن عباس: نعم فإنه يعلم من هذا أن ابن عباس كان يتأول في إباحة نكاح المتعة لمضطر إليه، ثم توقف بعد ذلك لما ثبت له النسخ.==

<<  <  ج: ص:  >  >>