للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ: "وَلَنْ يَعْرِفَ الْعَرَبُ هَذَا الْأَمْرَ إلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ؛ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ


= أما بنو هاشم فقد اجتمعوا بعلي بعد أن علموا ما حدث في السقيفة من بيعة أبي بكر ومعهم الزبير بن العوام.
واجتمعت بنو أمية بعثمان وبنو زهرة بسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف.
وجلسوا جميعاً في المسجد فقدم عليهم أبو بكر وأبو عبيدة وعمر فقال لهم عمر: ما لي أراكم مجتمعين حلقاً شتى قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايعته وبايعه الأنصار.
فقام عثمان ومن معه من بني أمية فبايعوه وبايعه سعد وعبد الرحمن ومن معهم من بني زهرة.
أما علي والزبير ومن معهما من بني هاشم فانصرفوا إلى رجالهم ولم يبايعوا فذهب إليهم عمر مع جماعة من الصحابة ودعاهم للبيعة فبايع الزبير بعد نزاع ثم بايع بنو هاشم. بهذا تمت البيعة لأبي بكر لأن جمهور المسلمين بايعه وكان كبار الصحابة كلهم إذ ذاك في المدينة ولم يزل علي بن أبي طالب ممتنعاً عن مبايعة أبي بكر ستة شهور لأنه كان يعتقد أنه أولى بالخلافة لقرابته من الرسول ومكانته من المسلمين.
وكان يقول له أبو عبيدة: با ابن عم إنك حديث السن وهؤلاء مشيخة قومك ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور فسلم لأبي بكر هذا الأمر فإنك إن تعش ويطل بك بقاء فأنت لهذا الأمر خليق وحقيق في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك.
فيقول علي كرم الله وجهه: الله الله يامعشر المهاجرين لا تخرجوا سلطان محمد في العرب من داره وقعر بيته إلى دوركم وقعور بيوتكم وتدفعون أهله عن مقامه في الناس وحقه فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أحق الناس به ما كان فينا القارئ لكتاب الله الفقيه في دين الله العالم بسنن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المتطلع لأمر الرعية الدافع عنهم الأمور السيئة القاسم بينهم بالسوية الله إنه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله.
قال بشير بن سعد الأنصاري لما سمع هذا القول: لو سمعت الأنصار هذا قبل البيعة لأبي بكر ما اختلفت عليك يا علي فلما توفيت فاطمة الزهراء بعد ستة شهور من خلافة أبي بكر [كما يقول بعض المؤرخين] واستنكر علي وجوه الناس أرسل إلى أبي بكر فحضر إليه وعنده بنو هاشم فتشهد علي ثم قال: قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك وما أعطاك الله ولا ننفس عليك خيراً ساقه الله إليك ولكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقاً فاستبددت به علينا.
ثم ذكر علي قرابته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما زال يكلم أبا بكر حتى فاضت عيناه ثم قال له علي موعدك للبيعة غداً في المسجد إن شاء الله.
حضر أبو بكر في الموعد الذي ذكره علي. ثم حضر علي فبايع أبا بكر وذكر فضله وسابقته في الإسلام وما هو عليه من جميل الصفات ومكارم الأخلاق.
فسر المسلمون من علي بن أبي طالب حيث انضم إلى الجماعة وبايع الخليفة الأول.
والمتأمل في بيعة أبي بكر هذه يرى أنهم قد بدأوا بها قبل أن يتم التشاور بين جمهور أهل الحل والعقد إذ لم يكن في سقيفة بني ساعدة أحد من بني هاشم وهم في ذروتهم فخالفوا بذلك الأصل في المبايعة: وهو أن تكون بعد استشارة جمهور المسلمين واختيار أهل الحل والعقد.
لذلك يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كانت بيعة أبي بكر. فتنة وقي الله المسلمين شرها.
وإنما حملهم على ذلك ما كان يخشى من وقوع الفتنة بين المهاجرين والأنصار لولا تلك المبادرة بمبايعته رضي الله عنه. والضرورات تبيح المحظورات.
ينظر: "الخلافة الإسلامية" لعبد الفتاح الجوهري.

<<  <  ج: ص:  >  >>