وأجيب عنه: بأن سارق حلي أسماء لم يكن أقطع اليد والرجل، بل كان اقطع اليد اليمنى فقط. فقد قال محمد بن الحسن في موطئه قال الزهري ويروى عن عائشة قالت: إنما كان الذي سرق حلي أسماء أقطع اليد اليمنى، فقطع أبو بكر رجله اليسرى. قال: وكان ابن شهاب أعلم بهذا الحديث من غيره. وأما ما يعم اليدين والرجلين، فما رواه الدارقطني من طريق الواقدي عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا سرق السارق فاقطعوا يده فإن عاد فاقطعوا يده فإن عاد فاقطعوا رجله". فهذا الحديث صريح في أن القطع يتعلق بجميع أطراف السارق وأجيب عنه: بأنه لا يصلح للاحتجاج فإن في طريقه الواقدي وفيه فقال: وقد روي هذا المعنى من طرق كثيرة لم تسلم من الطعن. فقال قال الطحاوي: تتبعنا هذه الآثار، فلم نجد لشيء منها أصلاً ومما يدل على عدم صلاحيته للحجية عدم استدلال الصحابة به حينما استشارهم علي رضي الله عنه في سارق أقطع اليد والرجل فلم يقطعه وجلده جلداً شديداً، ودعوى الجهل به بعيدة فإن مثل هذا لا يخفى على الصحابة رضوان الله عليهم فعدم احتجاجهم به ليس إلا لضعفه أو نسخه فإن الحدود كان فيها تغليظ في الابتداء. ألا ترى أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطع أيدي العرنيين وسمل أعينهم ثم نسخ ذلك. واستدل داود ومن وافقه بقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] . ووجه الدلالة أن الله تعالى قد نص على قطع اليدين ولم ينص على قطع الرجلين فلو كان قطع الرجلين مطلوباً لأمر به تعالى والسنة لم يرد فيها من طريق صحيح ما يفيد قطعهما في السرقة، والذي ورد في السنة صحيحاً جميعه يتعلق بقطع اليد: فقد قال عليه الصلاة والسلام: "لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها". وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعداً". وأمثال ذلك كثيرة، متعلق بقطع اليد ولم يرد للرجل فيها ذكر، وفي ذلك دليل صحيح على أن القطع إنما يتعلق باليدين، دون الرجلين. وأجيب عنه من قبل الحنفية، والحنابلة بأنه لا دلالة في الآية على أن اليد اليسرى محل للقطع فإن المراد من قوله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} أيمانهما، لقراءة عبد الله بن مسعود. [فاقطعوا أيمانهما] وقطع الرجل اليسرى قد ثبت بالسنة الصحيحة. وإجماع الصحابة على ذلك مما يقطع بصحة الورادة بقطع الرجل اليسرى بعد قطع اليد اليمنى. واستدل عطاء بقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} . فإن المراد من قوله: {أَيْدِيَهُمَا} أيمانهما لقراءة عبد الله [فاقطعوا أيمانهما] فإنها مقيدة لإطلاق الآية، فاليد اليسرى ليست مرادة ولم يثبت في السنة من طريق صحيح قطع غيرها من الأطراف. فوجب الاقتصار عليها. وأجيب عنه بأن السنة الصحيحة قد أثبتت قطع الرجل اليسرى في السرقة، وقام الإجماع على ذلك. ينظر: حد السرقة لشيخنا إبراهيم الشهاوي، وينظر: "فتح القدير" [٤/ ٢٤٨] ، "والمحلى" [١١/ ٣٥٦] . ١ الشملة: هو الكساء والمئزر يتشح به. "النهاية في غريب الحديث" [٢/ ٥٠٢] .