للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فِي جَلْدِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهُ جَلَدَهُ أَرْبَعِينَ، وَقَالَ جَلَدَ رَسُولُ اللَّهِ أَرْبَعِينَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ"١، فَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُشِيرُ بِالثَّمَانِينَ مَا أَضَافَهَا إلَى عُمَرَ، وَلَمْ يَعْمَلْ بِهَا، لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بِاجْتِهَادٍ، ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ فِي كِتَابِ "وَهْجُ الْجَمْرِ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ صَحَّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَكْتُبَ فِي الْمُصْحَفِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ٢"، وَهَذَا لَمْ يُسْبَقْ هَذَا الرَّجُلُ إلَى تَصْحِيحِهِ، نَعَمْ حَكَى ابْنُ الطَّلَّاعِ أَنَّ فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ.

قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي "الْإِعْرَابِ": صَحَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ، وَوَرَدَ مِنْ طَرِيقٍ لَا تَصِحُّ أَنَّهُ جَلَدَ ثَمَانِينَ.

١٧٩٦- قَوْلُهُ: "رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَمَرَ بِجَلْدِ الشَّارِبِ أَرْبَعِينَ"، هُوَ لَفْظُ أَبِي دَاوُد فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، الْمُتَقَدِّمِ.

قُلْت: "لَيْسَ فِيهِ صِيغَةُ أَمْرٍ"، وَلَا ذِكْرُ "أَرْبَعِينَ"، بَلْ لَفْظُهُ: "أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشارب وهو بـ"حنين"، فَحَثَى فِي وَجْهِهِ التُّرَابَ، ثُمَّ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَضَرَبُوهُ بِنِعَالِهِمْ وَمَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ؛ حَتَّى قَالَ لَهُمْ: ارْفَعُوا، فَرَفَعُوا، ثُمَّ جَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ جَلَدَ عُمَرُ أَرْبَعِينَ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ، ثُمَّ جَلَدَ ثَمَانِينَ فِي آخِرِ خِلَافَتِهِ، ثم جلد عثمان الحدين: ثَمَانِينَ، وَأَرْبَعِينَ، ثُمَّ أَثْبَتَ مُعَاوِيَةُ الْحَدَّ ثَمَانِينَ٣.


١ أخرجه أحمد [١/ ٨٢- ١٤٠- ١٤٤] ، ومسلم [٧/ ٢٣١- ٢٣٢- نووي] ، كتاب الحدود: باب حد الخمر، حديث [٣٨/ ١٧٠٧] ، وأبو داود [٤/ ١٦٣- ١٦٤] ، كتاب الحدود: باب الحد في الخمر، حديث [٤٤٨٠- ٤٤٨١] ، والنسائي في "الكبرى" [٣/ ٢٤٨] ، كتاب الحد في الخمر: باب حد الخمر، حديث [٥٢٦٩] ، وابن ماجة [٢/ ٨٥٨] ، كتاب الحدود: باب حد السكران، حديث [٢٥٧١] ، والدارمي [٢/ ١٧٥] ، كتاب الحدود: باب الحد في الخمر مختصراً، وعبد الرزاق [١٣٥٤٥] ، بنحوه. كلهم من حديث حصين بن المنذر أبو ساسان، قال: شهدت عثمان بن عفان وأتى بالوليد قد صلى الصبح ركعتين. ثم قال: أزيدكم؟ عليه رحلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر، وشهد آخر أنه يتقيأ. فقال عثمان إنه لم يتقيأ حتى شربها، فقال: يا علي قم فاجلده. فقال علي: قم يا حسن فاجلده. فقال الحسن: ول حارها من تولى قارها –فكأنه وجد عليه- فقال: يا عبد الله بن جعفر‍! قم فاجلده. فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين فقال: أمسك. ثم قال: جلد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، كل سنة، وهذا أحب إلي. وهذا لفظ مسلم.
٢ أخرجه عبد الرزاق [٧/ ٣٧٩- ٣٨٠] ، في أبواب القذف والرجم والإحصان، باب: حد الخمر، حديث [١٣٥٤٨] ، عن ابن عيينة عن عمرو بن عبيد عن الحسن. قال: هم عمر ... فذكره.
وهذا إسناد فيه عمرو بن عبيد معتزلي مشهود كان داعية إلى بدعته اتهمه جماعة مع أنه كان عابداً "التقريب" [٥١٠٦] .
٣ تقدم تخريجه قريباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>