٢ لما خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى فتح مكة سنة ثمان من الهجرة خاف أشراف هوازان أن يكون سيره إليهم فمشوا إلى بعضهم، وتجهزوا القتلة، وسارت رؤساؤهم في العرب يجمعون ذلك فلما فتح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة دخل هوزان من الزهو والإعجاب بأنفسهم ما حمل فريقاً منهم على أن يقول: والله ما لقي محمداً قوم يحسنون القتال، وخافوا أن يغشاهم في ربوعهم، وقالوا: قد فرغ لنا فلا مانع له دوننا ولا ناهية له عنا، واعترفوا على أن يبادروه بالغزو قبل أن يصبحهم في دارهم. وقلدت هوزان أمرهم مالك بن عوف وقد ظاهرتهم ثقيف وقائدهم كنانة بن عبد يا ليل، وانضم إليهم من أعداء سائر العرب جموع كثيرة. وقد ساق مالك بن عوف مع الناس أموالهم، ونساءهم وأبناءهم ليضرم بهم الحمية في القلوب. وساروا حتى نزلوا بحنين، فلما بلغ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خبرهم رجع إليهم في اثنى عشر ألفاً من المقاتلة. والتقي الجيشان، وشد جيش المشركين على المسلمين حتى فروا لا يلوي أحد على أحد، وانحاز رسول الله صلى الله ذات اليمين، وكادت الدائرة تدور على المسلمين لولا أن الله أنزل سكينته عليهم فنادى في الناس: "هلموا إلي أنا رسول الله" ونادى عمه العباس: يا معشر الأنصار، يا أصحاب السمرة، فعادوا إلى الرسول، وحمل المسلمون على المشركين، وتم لهم النصر، وظفروا بالغنائم والسبايا. ٣ فر المنهزمون من ثقيف، ومن انضم إليهم من غيرهم في حنين إلى الطائف فسار إليهم المسلمون وحاصروهم مدة طويلة. ونصب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المنجنيق. واستعمل المسلمون الدبابات. ولما رأى الرسول عليه الصلاة والسلام أن أمد الحصار سيطول ارتحل إلى الجعرانة حيث قسم الغنائم فجاءه بعد ذلك وفد هوازن مسلمين نادمين فرد عليهم نساءهم وذراريهم كما جاءه عوف بن مالك فأسلم وأسلمت ثقيف بعده، ثم رجع إلى مكة معتمراً فجاءته الوقود تترى تقدم خضوعها للمسلمين، وتدخل في دينهم. وبهذا تم فتح الحجاز، ودانت الجزيرة كلها للإسلام فلم ترتفع بعد ذلك للوثنية رأس. ٤ ما كاد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستقر في المدينة بعد رجوعه من بدر حتى بلغة اجتماع بني سليم على ماء يقال له: الكدر فخرج إليهم في شوال سنة ٢ هجرية ورجع ولم يلق كيداً. ٥ غزوة بني لحيان كانت في جمادى الأولى من السنة السادسة للهجرة وفيها خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى بني لحيان ينتقم لحبيب بن عدي وأصحابه فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رؤوس الجبال فرجع إلى المدينة.