للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ١ فِي الْمُحْكَمِ٢ أَفْضَى فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ وَصَلَ إلَيْهِ وَالْوُصُولُ أَعَمُّ مِنْ


= بأن يكون ذلك المعنى حكماً للمذكور في الكلام، وحالاً من أحواله سواء ذكر ذلك الحكم، ونطق به بأن دل عليه اللفظ مطابقة أو تضمناً، وهو ما يسمى بالمنطوق الصريح، أو لم يذكر بان دل عليه التزاماً، وهو ما يسمى بالمنطوق غير الصريح. وبهذا يعرف، أن المنطوق تارة يكون صريحاً، وتارة يكون غير صريح، وعرف الصريح بأنه ما وضع اللفظ له أي: دلالة اللفظ على ما وضع له بالاستقلال، أو بمشاركة الغير، فيشمل المطابقة والتضمن، كما قال السعد.
وخلاصة القول: أن الصريح هو دلالة اللفظ على ما وضع له مطابقة، أو تضمناً حقيقة كان أو مجازاً، وعليه فإن المنطوق الصريح ينحصر في المطابقية والتضمنية، وخرجت الالتزامية مثال الصريح دلالة قوله تعالى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣] على تحريم التأفيف.
ذهب إلى أن الصريح هو ما لم يوضع اللفظ له، بل يلزم ما وضع له، فيدل عليه بالالتزام.
يعني أن غير الصريح هو دلالة اللفظ على لازم الموضوع له، وبعبارة أخرى: دلالة اللفظ على المعنى بالالتزام، فينحصر غير الصريح في الالتزامية لدلالة قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تمكث إحداهن شطر دهرها لا تصلي" على أن أكثر الحيض خمسة عشر يوماً، وأقل الطهر كذلك، فإن هذا المدلول لم يوضع اللفظ المذكور له، ولكنه لازم لما وضع له.
فاعلم أن المدلول في غير الصريح لازم للمدلول في الصريح، وأن اللفظ الدال عليهما واحد إلا أنه يدل على الأول التزاماً، وعلى الثاني مطابقة أو تضمناً، وأن المدلول أي في الصريح لا يكون مذكوراً، وأن قوله في شرح تعريف المنطوق سواء ذكر الحكم الأول يكون حالاً للمذكور.
وفي الثاني: يكون حالاً لغير المذكور.
طريقة تاج الدين السبكي في تعريف المنطوق والمفهوم
وعرف التاج السبكي المنطوق بأنه: "ما دل عليه اللفظ في محل النطق ".
والمراد علماً أن المنطوق هو معنى دل عليه اللفظ في محل النطق، بأن يكون اللفظ مستعملاً في ذلك المعنى حقيقة، أو مجازاً سواء كان ذلك المعنى مثل تحريم التأفيف الدال عليه قوله عز وجل: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣] أو غير حكم كالذات المشخصة الدال عليها لفظ زيد في مثل جاء زيد، وسواء كانت الدلالة عليه مطابقة أو تضمناً، فما في قوله ما دل واقفة على معنى حملاً لها على الظاهر، إذ لا موجب للعدول عنه بحملها على المصدرية بخلافها في تعريف ابن الحاجب السابق.
وبهذا يعلم أن المنطوق كالمفهوم عند التاج السبكي من أقسام المدلول لا من أقسام الدلالة والمراد بالمعنى: ما يعنى ويقصد من اللفظ، فيعم الحكم وهو نص.
ينظر نهاية السول ٢/١٩٨ شرح الكواكب ٣/٤٧٣ الأحكام للآمدي ٣/٦٢ شرح العضد ٢/٢/١٧١ جمع الجوامع ١/٢٣٥- ٢٣٦ إرشاد الفحول ١٧٨ تيسير التحرير ١/٩١ فواتح الرحموت ١/٤١٣ المدخل ٢٧١ الآيات البينات ٢/٢ نشر البنود ١/٨٩.
١ هو أبو الحسن علي بن إسماعيل الأندلسي المرسي الضرير المعروف بابن سيده "م ٤٥٨ هـ" كان عالماً بالنحو واللغة والأشعار وأيام العرب وما يتعلق بعلومها. من تصانيفه المشهورة: المحكم والمحيط الأعظم في لغة العرب.
له ترجمة في الوفيات ٣/١٧ ومعجم الأدباء١٢/٢٣١ وإنباة الرواة ٢/٢٥٥ ولسان الميزان ٤/٢٠٥ وبغية الوعاة ص ٣٢٧ والبداية ١٢/٩٥ ومرآة الجنان ٣/٨٢ وشذرات الذهب ٣/٣٠٥ ومعجم المؤلفين ٧/٣٦.
٢ ينظر "المحكم" لابن سيده مادة "فضى".

<<  <  ج: ص:  >  >>