للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَخْصِيصًا لِعُمُومِ الْمَنْطُوقِ١ لَكِنْ نَازَعَ فِي دَعْوَى أَنَّ الْإِفْضَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا بِبَطْنِ الْكَفِّ غَيْرُ وَاحِدٍ


= واعلم أنه لا نزاع بين العلماًء في انتفاء الحكم عند انتفاء شرطه، وإنما النزاع في الدال على هذا الانتفاء هل هو التعليق بالشرط، أو البراءة الأصلية؟ - وبيان ذلك أن في تعليق الحكم بالشرط؛ مثل: "إن دخلت الدار، فأنت طالق"- أموراً أربعة:
الأمر الأول: ثبوت الجزاء عند ثبوت الشرط.
الأمر الثاني: عدم الجزاء عند عدم الشرط.
الأمر الثالث: دلالة التعليق على الأول.
الأمر الرابع: دلالته على الثاني.
واتفق العلماء على الثلاثة الأول، وإنما النزاع في الأمر الرابع بعد الاتفاق على أن عدم الجزاء ثابت عند عدم الشرط.
فعند القائلين بالمفهوم: ثبوته لدلالة التعليق عليه، وعند النفاة ثابت بمقتضى البراءة الأصلية، فالنزاع إنما هو في دلالة حرف الشرط على العدم عند العدم، لا على أصل العدم عند العدم؛ فإن ذلك ثابت قبل أن ينطق الناطق بكلام، وهذا الكلام في سائر المفاهيم.
قال أبو زيد الدبوسي، وهو من المنكرين له: " انتفاء المعلق حال عدم الشرط، لا يفهم من التعليق، بل يبقى على ما كان قبل ورود النص".
هذا هو تحرير محل النزاع، وإذا تحقق هذا، قنقول: اختلف العلماء والأصوليون في حجية مفهوم الشرط على مذهبين
المذهب الأول: أنه حجة، أي أن تعليق الحكم بالشرط يدل على انتفاء ذلك الحكم عند انتفاء الشرط؛ وإلى هذا ذهب جميع القائلين بمفهوم الصفة، وبعض من لم يقل به؛ كالإمام فخر الدين الرازي، وابن سريج، وأبى الحسين البصري، وأبي الحسن الكرخي، ونقله أبو الحسين السهيلي في "آداب الجدل" عن أكثر الحنفية، وابن القشيري عن معظم أهل "العراق"، وإمام الحرمين عن أكثر العلماء.
المذهب الثاني: أنه ليس بحجة، أي: أن تعليق الحكم بالشرط لا يدل على انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط؛ بل يبقى الحكم عند انتفاء الشرط على العدم الأصلي، وهذا مذهب أبي حنيفة والمحققين من أصحاب مذهبه، وأكثر المعتزلة؛ كما نقله عنهم صاحب "المحصول "، ونقله ابن التلمساني عن الإمام مالك- رضي الله عنه- كما اختاره القاضي أبو بكر الباقلاني، وحجة الإسلام الغزالي، وسيف الدين الآمدي، والقفال الشاشي، وأبو حامد المروزي في من الشافعية.
ينظر: حاشية البناني: ١/٢٥١، والإبهاج لابن السبكي: ١/٣٨٠، والآيات البينات لابن قاسم العبادي: ٢/٣٠، وحاشية العطار على جمع الجوامع: ١/٣٢٩، وتيسير التحرير لأمير بادشاه: ١/١٠٠، وحاشية التفتازاني والشريف على مختصر المنتهى: ٢/١٨٠، وشرح التلويح على التوضيح لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني: ١/١٥٥، وميزان الأصول للسمرقندي: ١/٥٨٠، ونشر البنود للشنقيطي: ١/٩٨.
١ أما في اللغة: فالمنطوق هو الملفوظ به اسم مفعول من النطق بمعنى التلفظ والتكلم يقال: نطق ينطن نطقاً، ومنطقاً، ونطوقاً تكلم بصوت، وحروف تعرف بها المعاني، وناطقة كلمه وقاوله المنطوق والمفهوم: لقبان لمعنيين متقابلين تقابل الأصل والفرع والإثبات والنفي متعلقين بدلالة الألفاظ على المعاني لأن الألفاظ قوالب للمعاني المستفادة منها، فهذه المعاني تارة تستفاد منها من جهة النطق تصريحاً وتارة تستفاد منها من جهة النطق تلويحاً فاصطلحوا على تسمية ما يرجع إلى النوع الأول بالمنطوق وما يرجع إلى النوع الثاني بالمفهوم.
قال ابن الحاجب: المنطوق: هو ما دل عليه اللفظ في محل النطق، والمراد: أي المنطوق في اصطلاح الأصوليين عبارة عن دلالة اللفظ، على معنى حالة كون ذلك المعنى ثابتاً في محل النطق،....=

<<  <  ج: ص:  >  >>