فقالت عائشة:{فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف}".
ولا جائز أن يكون هذا القول منها إلا توقيفا عن الرسول عليه الصلاة والسلام.
والدلالة على ذلك من وجهين:
أحدهما: أن ما كان طريقه الاجتهاد والرأي، لا يلحق فاعله فيه الوعيد.
والثاني: لأن مقادير عظم الأجرام لا تعلم إلا توقيفا، كما أخبرت بمقدار الجرم، فإن مثله يبطل الاجتهاد، فعلم أن ذلك توقيفا.
ولا يجوز أن يكون لأجل البيع إلى العطاء؛ لأن هذا الخبر قد دل على أن من مذهب عائشة جواز البيع إلى العطاء، لأن البيع إلى العطاء لو كان عندها فاسدا، لكان الشراء الثاني فسخا للأول؛ لأنه لا خلاف أن من باع شيئا بيعا فاسدا، ثم اشتراه من المشتري: أن الشراء الثاني فسخ للأول، لا يستحق به فاعله الذم، فلما ذمتها على العقدين جميعا بقولها: "بئس ما شريت، وبئس ما اشتريت"، دل على أن البيع الأول إلى العطاء كان جائزا عندها، وأن الثاني كان فاسدا.
فإن قيل: فكيف أنكرت عليها البيع الأول، وهو صحيح عندها.