الله عليه وسلم لما قال:"من أسلم فليسلم في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم"، وكان معقولا من مراده الكيل المعلوم عند الناس، فمنع بذلك جواز عقد السلم في مال بإناء لا يعرف مقداره من الكيل المعلوم، والوزن المعلوم، لجولا هلاكه قبل استيفاء السلم، وحصوله في مجهول: اعتبرنا ذلك فيما يجوز انقطاعه من أيدي الناس، فقلنا إن جواز انقطاعه قبل حلوله بمنزلة كونه معدوما، وحصول السلم في مجهول.
ويدل على ذلك: ما حدثنا دعلج بن أحمد قال: حدثنا عبد الله بن شيرويه قال: حدثنا إسحاق بن راهويه قال: أخبرنا الوليد بن مسلم عن محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده عبد الله بن سلام "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلف رجلا دنانير في تمر مسمى، فقال: من حائط فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما من حائط فلان: فلا، ولكن تمر مسمى، وكيل مسمى، وأجل مسمى".
فهذا الخبر ينفي جواز السلم فيما يجوز انقطاعه، واقتضى أيضا وجوب معرفة الجنس، والمقدار، والأجل.
*وإنما قلنا إنه يجب أن يكون موجودا من وقت وقوع العقد إلى وقت حلول الأجل: للمعنى الذي قدمناه في جواز الانقطاع، وهو انه جائز أن يموت المسلم إليه، فيحل عليه السلم، وهو معدوم.
ولا خلاف أن كونه منقطعا في وقت حلول الأجل: يفسد العقد،