فأما إذا لم ينفق للعجز، فهو ممن قال الله:{لا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها}، فإذا لم يكن مكلفًا للإنفاق في حال العجز، لم يجز أن يكون غير ممسك لها بمعروف.
فإن قال قائل: لما خير الله النبي صلى الله عليه وسلم بين الدنيا والآخرة، فاختار الفقر، خير نسائه، فدل على أن عجز الزوج يوجب لها الخيار.
قيل له: هذا غلط من وجوه:
أحدها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن عاجزًا عن نفقة نسائه، وقد كان يدخر لهن قوت سنة.
وأيضًا: فإنه كان متبرعًا بالتخيير؛ لأن فعله لا يقتضي الوجوب.
وأيضًا: فإنما خيرهن لقول الله تعالى: {إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن}، فشرط في تخييرهن إرادة الحياة الدنيا وزينتها، ولا خلاف بين الفقهاء أن امرأة لو أرادت الحياة الدنيا وزينتها: لم يجب لها خيار من أجل إرادتها لذلك.
فإن قال قائل: لما كانت النفقة من موجب العقد، كالوطء، ثم كان عجزه عن الوطء يوجب لها الخيار في الفرقة، وجب أن يكون كذلك