أن يكون وجود فعل من لا يستحق عليه القود بفعله مسقطًا للقود عن الآخر.
ويدل عليه: الجارية بين رجلين، إذا وطئها أحدهما: لم يجب عليه حد؛ لأن ظهره محظور، فلا يستباح مع وجود سبب الإباحة والحظر معًا، وكان اعتبار جهة الحظر أولى.
ووجه آخر في أن سقوط القود فيما وصفنا أولى من وجوبه: وهو أن القود قد يتحول مالًا بعد ثبوته، والمال لا يتحول قصاصا بوجه، فكان ما لا ينفسخ إلى غيره، أولى بالإثبات مما ينفسخ.
وليس هذا كرجلين قتلا رجلًا عمدًا، وعفا الولي عن أحدهما: فيقتل الآخر، من قبل أنهما قد استحقا القود بدءًا، وسقوطه عن الآخر بالعفو، ليس بشبهة في سقوطه عن الآخر، ولو كان هذا موجبًا للقصاص في مسألتنا، لأوجبه إذا كان أحدهما مخطئًا، والآخر عامدًا، فلما لم يدل ذلك على وجوب القصاص على العامد فيما إذا كان الآخر مخطئًا، كذلك فيما وصفناه.
وأيضًا: فإنه إذا عفا عن أحدهما، فقد سقط حكم قتله، وصار بمنزلة من لم يشارك فيه، فلذلك وجب القود على الآخر.
وأما المجنون، فحكم فعله ثابت على وجه الخطأ، وذلك موجب لحظر الدم، فلذلك اختلفا.