للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال فيه جابر بن زيد: "العفو": أن يقبل الدية في العمد برضا أهله.

فأطلق ابن عباس اسم العفو على إعطاء القاتل الدية، وأبان فائدة الآية في تخفيفه عنا ما كان مغلظًا على بني إسرائيل من وجوب القصاص لا غير.

فإن قبل: العفو في اللغة هو: ترك حق له إلى بدل.

قيل له: إن العفو يقع على ما ذكرت، وعلى ما قلنا أيضًا، ولولا أن اسم العفو يحتمل ما وصفنا، لما تأوله ابن عباس عليه، إذ غير جائز لأحد أن يتأول الآية على معنى لا يصلح أن يكون اللفظ عبارة عنه بحال.

وعلى أن ابن عباس حين قال: إن العفو يقع على بذل القائل الدية، فليس يخلو من أن يكون قاله من طريق اللغة أو الشرع، فإن قاله من جهة اللغة، فهو حجة فيها، إذ كان من أهلها، وإن قاله من جهة الشرع، لم يقله إلا توقيفًا؛ لأن أسماء الشرع لا تؤخذ إلا توقيفًا.

وعلى أنه إن كان اسم العفو يقع على ما ذكرت من إسقاط حق إلى بدل، فقد هدمت أصلك ونقضته على لسانك؛ لأنك إذا جعلت له الدية، فإنما أسقطت القود إلى بدل آخر غيره، وذلك خلاف ما يقضيه اللفظ، فيدل على أن المراد ما وصفنا، وأنه لو كان الأمر على ما زعم لقال: {فمن عفي عنه}، ولم يكن يقول: {فمن عفي له}، ومعناه صحيح؛ لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>