والأصل فيه: ما روى ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن ثعلبة الأنصاري عن أبيه "أن عمرو بن سمرة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني سرقت جملاً لبني فلان، فأرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنا فقدنا جملاً لنا، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم، فقطعت يده".
فهذا يدل على أن القطع لا يجب إلا بحضور من سرق منه، وادعائه السرقة، ولولا ذلك لقطعه النبي صلى الله عليه وسلم بإقراره، ولم ينتظر مجئ المسروق منه، وادعاؤه السرقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما ينبغي لولي أمرٍ أن يوتى بحد إلا أقامه".
وقال عليه الصلاة والسلام:"تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب".
ومن طريق النظر: إن إقرار السارق لا يثبت ذلك في الحال إلا بتصديقه، لأن كل من في يده شيء فالظاهر أنه مالكه، فلا ينتقل ملكه إلى الغير بقوله، ألا ترى أنهم قالوا: من كان في يده عبد، فأقر به لغائب، ثم أقر به لحاضر، فصدقه: أنه يدفع إلى الحاضر، وإن جاء الغائب، فصدقه: أخذه، وإلا: فهو للثاني، فلم يسقطوا حق الثاني في أخذه قبل تصديق الأول.