قيل له: هذا كلام فاسد من وجهين: أحدهما: أن الأحراز وإن كانت مختلفة في أنفسها، فليست مختلفة في كونها حرزًا لجميع ما يجعل فيها، لن الإصطبل لما كان حرزًا للدواب، فهو حرز للدراهم والثياب، ويقطع فيما يسرقه منه، وكذلك حانوت البقال لو سرق منه ثيابًا، أو شاة أو دراهم: قطع.
وقولك: إن الإصطبل حرز للدواب، ولا يُقطع من سرق منه دراهم: غلط.
والوجه الآخر: أن قضيتك هذه لو كانت صحيحة، لكانت مانعة من وجوب القطع في الكفن، وذلك لأن الكفن لا يجعل في القبر ليحرز به، ولا يحفر القبر لتحفظ به الأكفان، وإنما هو لدفن الميت فيه، وإخفائه عن عيون الناس، وأما الكفن فإنما جُعل هناك للبلى والهلاك.
وجهة أخرى: وهو أن الكفن لا مالك له، والدليل عليه: أنه من جميع المال، فدل أنه ليس في ملك أحد، ولا موقوف على أحد، فلما صح أنه من جميع المال، وجب أن لا يملكه الورثة، كما لا يملكون ما صُرف في الدين الذي هو من جميع المال.
ويدل عليه أيضًا: أن الكفن يبدأ به على الديون، فإذا لم يملك الوارث ما يقضي به الدين، فلأن لا يملكون الكفن أحرى، وإذا لم يملكه الوارث، واستحال أن يكون الميت مالكًا، وجب أن لا يقطع سارقه، كما لا يقطع السارق من بيت المال، وأخذ الأشياء المباحة؛ لأنه لا مالك لها.
فإن قيل: جواز مخاصمة الورثة في المطالبة بالكفن، دال على أنه في ملكهم.
قيل له: كما يطالب الإمام بما يسرق من بيت المال ولا يملكه.