وفي إبطاله أخرى، ولم يكن لإقراره بما يوجب الحد إلا جهة واحدة، ولا تأثير لقول المولى فيه: فجاز في كل حال كان جنبة القطع من هذا الوجه آكد، فلذلك كانت جنبة القطع في باب ثبوته آكد.
ألا ترى أنه لا توجد له حال لا يجوز إقراره فيها بما يوجب الحد، وقد توجد حال يجوز إقراره فيها بالمال لغيره.
فإن قيل: هلا كانت جنبة سقوط الحد أولى من إثباته، لأن الحدود تسقط بالشبهة.
قيل له: لا شبهة هاهنا، وليس كون المسألة مشبهة لأصلين: أحدهما يوجب الحد، والآخر يسقطه، شبهة في سقوطه، وإنما يحتاج أن نتبع حينئذٍ ما يوجبه النظر، ولا يلتفت إلى جهة سقوط الحد إن كان النظر يوجبه.
ألا ترى أنهم قد أجروا الحد على جماعة سرقوا، وولي بعضهم أخذ المتاع، وهو استحسان من قولهم، فتركوا القياس في إسقاطه عمن لا يلي أخذه إذا كان النظر يوجب خلافه، وليست الشبهة المسقطة للحد هي أن تكون للمسألة شبه من أصل يوجب سقوط الحد.
* وأما أبو يوسف: فإنه ذهب إلى أن إقراره قد انطوى على معنيين: القطع، والمال، فهو مصدق على نفسه في وجوب قطعه، غير مصدق على مولاه في استحقاق ما في يده، كإقرار أحد الابنين بأخ، أنه مقر بشيئين: النسب، والمال، فيعطيه المال، ولا يثبت النسب، وكإقراره أن امرأته أخته من أبيه وأمه، وهو مجهول النسب، فيفرق بينهما، ويبطل النكاح، ولا يثبت النسب.
قال أبو بكر: وهذا قول واهٍ، وذلك لأنه لا يخلو من أن يقطعه في