وأما قوله:"لا يجمع بين متفرق": فالرجلان يكون بينهما ثمانون شاة، لكل واحد أربعون، فيكون على كل واحد منهما شاة واحدة، فيجمعان ليكون عليهما شاة واحدة، فإذا فعل ذلك، فقد جمع بين متفرق في الملك، وقد اتفق الجميع على أن قوله:"لا يفرق بين مجتمع" قد أريد به الملك دون المكان، فوجب أن يكون قوله:"ولا يجمع بين متفرق" كذلك؛ لأنه خطاب واحد معطوف بعضه على بعض، وقد أضمر في أحدهما الملك، فوجب أن يكون ذلك مضمرًا في الآخر، إذ لا بد له من ضمير غير ما أضمر في الآخر.
وعلى أن قوله:"لا يجمع بين متفرق": ينفي عمومه الجمع بينهما إذا كانا متفرقين في الملك، فمن حيث أراد مخالفنا الاحتجاج به علينا، لزمه في الملك مثل ما ألزمنا.
وأيضًا: فإن قوله: "لا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين متفرق": لما لم يرد حقيقة اللفظ، افتقر في إثبات حقيقة اللفظ، افتقر في إثبات حكمه إلى بيان من غيره؛ لأنه مجاز، والمجاز لا يستعمل إلا في موضع يقوم الدليل عليه، وقد ذكر في بعض الأخبار:"لا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين مفترق خشية الصدقة".