وقد يجوز أن يكون هذا خطابًا للمصدق تارة، ولرب المال أخرى، فيعني كثرة الصدقة من رب المال، وفي قلتها من المصدق، فأما المصدق فهو أنه لا يفرق بين ثمانين مجتمعة في ملك واحد، فيأخذ من كل أربعين شاة، خشية قلة الصدقة، ولا يجمع بين متفرق أرعين لرجلين.
وإذا أراد رب المال: فمائة وعشرون بين ثلاثة، لا يكتم، فيجعلها لواحد، خشية كثرة الصدقة.
وأما قوله:"فما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية": ففيه دليل على صحة قولنا أيضًا؛ لأنه استأنف ذكر الخليطين وحكمهما، فدل على أن أول الخطاب لم يشتمل على الخليطين، ولولا ذلك لم يستأنف ذكرهما، ولم يجعلهما بعض من دخل في اللفظ.
والتراجع عندنا يجب إذا كان بين رجلين مائة وعشرون شاة أثلاثًا، فأخذ المصدق شاتين من الجملة، فيرجع صاحب الثلثين على صاحب الثلث بثلث شاة، ويجوز له أن يأخذ الشاتين من الجملة إذا كان الشريكان قد تراضيا بذلك، وأذن صاحب الأكثر لصاحب الأقل بأن يؤدي بعض صدقته من نصيبه.
وكان أبو الحسن الكرخي رحمه الله تعالى يقول: جائز أن يكون بقاؤهما على الشركة، مع العلم بوجوب الزكاة، إذنا لكل واحد منهما لصاحبه أن يؤدي الواجب من الجملة.
دليل آخر: وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أخذ الصدقة من أغنيائكم، ,أردها في فقرائكم".