فجعل الناس صنفين: غني مأخوذ منه الصدقة، وفقير ترد عليهن ولا يؤخذ منه؛ لأن ذكر الصدقة ههنا للجنس، فاستغرق جميعها، فإذا كان جميع الصدقة مأخوذًا من الأغنياء، فقد نفي وجوب أخذها من الفقراء، وإذا ثبت ذلك، وكان من لا يملك النصاب فقيرًا باتفاق الجميع على ذلك، على أنه لو كان منفردًا، لم يجب عليه، فانتفى وجوب الصدقة عليه بالشركة إذا لم تكسبه الشركة غنى.
ودليل آخر: وهو اتفاق الجميع على أن لا صدقة على المفرد إذا نقص ماله عن النصاب، والمعنى عدم النصاب في ملكه، وذلك موجود في حال الخلطة.
وأيضًا: لما لم يصر الرجل غنيًا بملك غيره في حال الخلطة والانفراد، وجب أن يستويا في سقوط الزكاة، ويدل عليه اتفاق الجميع في الخلطة بين المسلم والكافر، وبين الحر والمكاتب، والمعنى عدم النصاب لكل واحد بانفراد.
فإن قيل: وجدنا الحكم يتغير بالشركة والاجتماع في كثير من الأصول، كصلاة الجمعة، لا تصح للمنفردين، وتصح للمجتمعين باشتراكهم فيها، وكالشفعة تجب للشريك دون الجار، وكالسخال لا تجب فيها صدقة على الانفراد عندك، ولو كان معها المسان وجبت فيها.