والثاني: أن الجمعة والشفعة وما ذكرت، لا يجوز أن يكون أصلاً لما ذكرنا؛ لأن العلة الواحدة لا توجب حكمين مختلفين، ولأن الفروع إنما ترد إلى الأصول قياسًا، للجمع بينهما في حكم واحد، فأما مع اختلاف الأحكام، فلا يصح القياس.
وعلى أنا نبين الفصل بين ذلك، وإن لم يلزمنا، لحق النظر، فنقول: إن علة وجوب الصدقة في الأصل، إنما هي وجود الغني بالنصاب على الشرائط الموجبة لها، وعلة سقوطها: فقد النصاب، وذلك لا يتغير بوجود الخلطة ولا عدمها، ألا ترى أمن له نصاب وجبت عليه الزكاة مع عدم الخلطة.
وأما الجمعة فإن من شرائطها صحتها الجماعة، ألا ترى أن المنفرد لا يفعلها بحال.
وأما الشفعة فإنها تجب في حال الشركة والجوار جميعًا، إلا أن الشريك أولاهما، فلم يكن لعدم الشركة تأثير في إسقاطها، وإنما تأثيرها في كون الشريك أولى من الجار، وليست علة كون الشريك أولى من الجار هي علة أصحاب الزكاة بالخلطة، لأنهما حكمان مختلفان، لا يجوز أن تجمعهما علة واحدة.
وأما السخال إذا انفردت أو كانت مع المسان، فلأن النصب لا تؤخذ