بدقة. وهذا ما يجعل أهميةً لـ (التعقيبة) بحيث يُستدل بوجودها لدى أي ناسخ من نساخ المخطوطات، على دقة المنهج العلمي لديه في فن النسخ.
وقد اتّبع ناسخ (الفوائد الجسام) هذه الطريقة، فأَثبت التعقيبة في أسفل لوحات المخطوط، في نهاية الوجه (أ) من كل لوحة، فكان يُثبت هناك الكلمة التي يبتدئ بها الوجه (ب) من نفس اللوحة. وهكذا مَشَى في جميع لوحات المخطوط.
د- ومن مظاهر دقة الناسخ: ما يتعلق بتصحيح الكلمات التي كُتبت خطأً، وتحتاج إلى تصحيح.
فمن ذلك ما هو معروف من طريقة الضرب على الكلمة التي كُتبت خطأً في المتن، ثم كتابتها مرة أخرى صحيحة في الهامش. وهذا ما فعله الناسخ في بعض الكلمات كما في النص رقم ٢٠ الذي جاء فيه قول الشيخ ابن عبد السلام:(وكذلك قراءة حمدلة الفاتحة في الصلاة، مساوية لقراءتها في غير الصلاة، مع أنها أفضل منها إذا قُرئت خارج الصلاة). فكلمة (مساوية) كانت كُتبت في داخل المتن: (مستوية) فضَرَب عليها الناسخ، ووَضَع عندها علامة لحق إلى جهة الهامش، ثم كتب الكلمة في الهامش صحيحة (مساوية) مع التصحيح عليها.
وقد يكتفي بالضرب فقط على موضع الخطأ في الكتابة -دون إعادة كتابة الصواب في الهامش- إن كان ذلك كافيًا في إشعار القارئ، وتنبيهه لموضع الخطأ.
ومن براعة الناسخ في هذا الصدد: ما فعله في قول البلقيني في النص رقم ١١٩: (نعم يُعطَى اليقينَ فيما إذا خلّف زوجة حاملًا وأبوين، فإن للزوجة ثُمُنًا عائلًا، وللأبوين سُدسين عائلين، لأن لكلٍّ منهما ها هنا مقدارًا يرجع به على التركة، فأُعطِيَه عائلًا، لأنه لا يمكن أن يأخذ أقل منه على كل تقدير).