جاء في نهاية المحتاج للشمس الرملي ٤: ٣٣٣ (المديون يُحبس إلى ثبوت إعساره وان لم يُحجر عليه بالفلس، لخبر (ليُّ الواجد يُحل عِرضه وعقوبته) ... أما الوالد -ذكرًا كان أو أنثى، وإن علا من جهة الأب أو الأم- فلا يُحبس بدين ولده -كذلك وإن سفُل، ولو صغيرًا وزَمِنًا لأنه عقوبة، ولا يعاقَب الوالدُ بالولد. ولا فرق بين دين النفقة وغيرها. وما جرى عليه في (الحاوي الصغير) تبعًا للغزالي من حبسه لئلا يَمتنع عن الأداء، فيعجز الابنُ عن الاستيفاء، رُدَّ ... لأنه متى ثبت للوالد مالٌ أَخَذه القاضي قهرًا، وصَرَفه إلى دَيْنه). انتهى. وفي روضة الطالبين للنووي ١١: ٢٣٧ (في حبس الوالدين بدين الولد أوجهٌ: الأصح المنع. قال الإمام: وإليه صار معظم أئمتنا ...). وينظر أيضًا ٤: ١٣٩. وهذا الذي قرره الشافعية، هو الذي اتفق عليه أيضًا أهل العلم من الحنفية والمالكية والحنابلة، أي: أنه لا يُحبس الوالد -عند الجميع- بدَيْن ولده، لأنه عقوقٌ، ومخالفٌ لمبدأ الإحسان والمصاحبة للوالدين بالمعروف. بل ذهب الحنابلة إلى أنه ليس للولد حقُّ مطالبة أبيه بدينه -فضلًا عن الحبس- لحديث: (أنت ومالك لأبيك). يقول السرخسي في المبسوط ٢٠/ ٨٨: (وُيحبس الرجل في كل دَيْنٍ ما خلا دَيْنَ الولد على الأبوين، أو على بعض الأجداد، فإنهم لا يُحبسون في دينه؛ أما في دَيْن غيرهم فيُحبس لأنه بالمطل صار ظالمًا، والظالمُ يُحبس، وإنه عقوبة مشروعة ... ، والقياسُ في دَيْن الولد على والديه هكذا، إلا أنا استَحسنّا في دَيْن الوالدين ومن كان في معناهم: أنه لا يعاقَبُ الوالدُ بسبب الجناية على ولده). ويقول الكاساني في بدائع الصنائع ٧: ١٧٣ (لا يُحبس الوالدون وإن عَلَوْا، بدَيْن المولودِين وإن سَفُلوا، لقوله تبارك وتعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥]، وقوله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة: ٨٣]، وليس من المصاحبة بالمعروف والإحسان: حبسُهما بالدَّين). =