للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإقرار، أني لا أُلزِم الناس إلا باليقين، وأطرح الشك، ولا أستعمل الأغلب) (١).

٥١٩ - قوله: (المثال الثامن: إذا قال لرجل: أنت أزنى الناس، أو قال له: أنت أزنى من زيد، فظاهر هذا اللفظ أن زناه أكثر من زنى زيد، وأكثر من زنى سائر الناس. وقال الشافعي: لا حدّ عليه حتى يقول: أنت أزنى زناة الناس، أو: فلان زانٍ وأنت أزنى منه. وفي هذا بعدٌ) (٢).

يقال عليه: إنما فرَّق الشافعي بين: (أنت أزنى الناس، وأنت أزنى من زيد)، وبين: (أنت أزنى زناة الناس، أو فلان زانٍ وأنت أزنى منه) من جهة أنه، في الثاني: أَثبَت الزنى للمفضَّل عليه، فكان إثباته للمفضَّل صريحا لصراحته في المفضَّل عليه. [و] في المثال الأول (٣): لم يصرِّح في المفضَّل عليه بشيء، لأن صيغة (أفعل) لا تقتضي التشريك، فلا يلزم أن يكون المفضَّل عليه زانيًا. وإذا لم يثبت صريحًا في المفضَّل عليه، لم يثبت في المفضَّل.


(١) جاء في الأم ٦: ٢٢٠ (الإقرار والمواهب) قول الشافعي -رحمه الله-: (وأصل ما أقول من هذا، أني أُلزم الناس أبدًا اليقين وأطرح عنهم الشك، ولا أستعمل عليهم الأغلب).
(٢) قواعد الأحكام ٢: ٢٢٣.
(٣) جاءت جملة (وفي المثال الأول) في المخطوط بدون واوٍ، متصلة بما قبلها هكذا: (فكان إثباته للمفضَّل صريحًا لصراحته في المفضل عليه في المثال الأول لم يصرِّح في المفضل عليه بشيء). وهو كلام مضطرب غير واضح.
والظاهر من سياق الكلام أن تكون جملة (وفي المثال الأول) استئنافية، لأن المقصود بيان الفرق بين حكم المثال الثاني وهو (أنت أزنى زناة الناس، أو فلان زانٍ وأنت أزنى منه)، وبين حكم المثال الأول وهو (أنت أزنى الناس، وأنت أزنى من زيد)، ولا يتم ذلك إلا بإثبات (الواو) مع كلمة (في المثال الأول) كما تم إثباته في المتن أعلاه، وبذلك يتضح مراد البلقيني من التعقيب.

<<  <   >  >>