لجعل الربا من الكبائر، لم أقف فيها على ما يُعتمد على مثله، فإن كونه مطعوما أو قيمةً للأشياء أو مقدّرًا، لا يقتضي مفسدة عظيمة يكون من الكبائر لأجلها).
فأبان البلقيني في تعليقه على هذا الكلام، ببيان نكتة تكشف عن مفسدة خفية خطيرة في الربا جعلتْه في تلك الدرجة من البشاعة والقبح في نظر الشارع؛ حتى عُدّ من كبائر الذنوب.
يقول البلقيني:(بل المفسدة في الربا تعاطيه لمعصية تسري في أموال الناس غالبًا، ويشق الاحتراز منها لو وقعت. فعلّيّةُ انتشارها وعمومها [جُعلت] سببًا لجعلها من الكبائر. وقد (لَعَن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكِلَ الربا ومُوكِلَه)، الحديث". انتهى كلام البلقيني.
وفي النص رقم ٢٨٠: ذكر الشيخ ضمن استحباب تقديم الأعضاء اليمنى على اليسرى، أن ذلك تكريم وتشريف لها، (ولذلك يُبدأ بها في الانتعال لأنه إكرام لها)، (لأن الانتعال بمثابة اللباس للقدم، فهو إكرامٌ لها، ولهذا يُبدأ فيه بالرِّجل اليمنى، كما يُبدأ في لباس البدن بالأعضاء اليُمنى).
هذا كلامٌ قيّم من الشيخ ابن عبد السلام. ولكن علّق عليه البلقيني بإضافة لفتة جميلة إلى أدب الانتعال عند الخروج من المسجد، عندما يتعارض هذا الأدب، مع (أدب الخروج من المسجد بالرِّجل اليسرى). فكيف يمكن تطبيق هذين الأدبين في آنٍ واحدٍ -وهي صورة واقعية يومية- بحيث يتحقق مقصود الشارع فيهما معًا: بأن يُبتدأ بإخراج الرِّجل اليُسرى من المسجد، وفي نفس الوقت يُبدأ أيضًا بلُبس النعل في الرِّجل اليمنى؟
أفاد البلقيني إمكانية تطبيق ذلك بسهولة، فقال:(فإذا تعارض الخروجُ من المسجد، والانتعالُ: قَدَّم اليسرى في الخروج، ويضعُها على ظهر نعله؛ ثم يُخرِجُ اليمنى فيُنَعِّلها، ثم يُنَعّلُ اليسرى)!