وفي النص رقم ٥٠٠: تطرّق الشيخ ابن عبد السلام لبيان معنى قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}[الفلق: ٥]، وما سِرّ تقييده بقوله (إذا حسد). يقول الشيخ ابن عبد السلام:(فإن قيل: ما معنى قوله: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}[الفلق: ٥]، فالجواب: أن الحسد الحكمي لا يضرّ المحسودَ لغفلة الحاسد عنه. والحسدُ الحقيقي هو الحاثّ على أذية المحسود. فقوله سبحانه وتعالى:{وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ} صالحٌ للحسد الحكمي والحقيقي).
هذا ما قاله الشيخ ابن عبد السلام.
وأفاد البلقيني في التعليق عليه بيان نكتة أخرى لهذا القيد، فقال:(ولك في الجواب مسلكٌ آخر، وهو أن العُلقة بين الحاسد والمستعيذ، إنما تكون حال حسده الحقيقي، ولا عُلقةَ بينهما إذا خلا عن حسده الحقيقي بغفلة ونحوها وإن كان متعلقًا بالحسد الحكمي، فلذلك خَصّ الحالة التي تكون فيها العُلقة فيها).
وفي النص رقم ٦١٤: أفاد الشيخ ابن عبد السلام حكمة منع المرأة من تزويجها بنفسها استثناءً من قاعدة (الأحرار المُطْلقون مستقلون بالتصرف في منافع أموالهم وأجسادهم)، فقال الشيح:(واستثني من ذلك: تزويج المرأة نفسها، لما في مباشرتها ذلك من المشقة والخجل والاستحياء).
وعلّق عليه البلقيني بسطرين وجيزين، أبان فيهما عن لفتة أخرى لهذا الحكم التشريعي، فقال:(الأَولى في تعليل ذلك أن يقال: المرأة غالبًا سريعة الانخداع، فربما وَضعتْ نفسَها تحت من لا يكافئها).
وهكذا نرى إضافات البلقيني في هذه التعليقات تنمّ عن مثل هذه الإفادات القيّمة.
وعلى كل، ففي جملة تعليقات البلقيني في الكتاب كله، يحس القارئ أنه أمام عالم ضليع، آتاه الله فحولةً، وقوةَ شخصية، ودقةَ نظر، وعمقَ اطلاع