ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فأوثقوهم، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر والله لا أصحبكم أن لي في هؤلاء لأسوة يريد القتلى فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فأبى فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وابن دثنة حتى باعوهما بمكة بعد وقيعة بدر، فابتاع خبيبًا بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر، فلبث خبيب عندهم أسيرًا، فأخبرني عبيد الله بن عياض أن بنت الحارث أخبرته أنهم حين اجتمعوا على قتله استعار منها موسى يستحد بها، فأعارته، فأخذ ابنًا لي وأنا غافلة حتى أتاه قالت: فوجدته مجلسه على فخذه، والموسى بيده، ففزعت فزعة عرفها خُبيب في وجهي قال: أتخشين أن أقتله، ما كنت لأفعل ذلك، والله ما رأيت أسيرًا قط خيرًا من خبيب، والله لقد وجدته يومًا يأكل من قطف عنب في يده وإنه لموثق بالحديد، وما بمكة من ثمر وكانت تقول: إنه لرزق من الله رزقه خبيبًا، فلما: خرجوا من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب: ذروني أركع ركعتين، فتركوه فركع ركعتين ثم قال: لولا أن تظنوا أن ما بي جزع لطولتها اللهم أحصهم عددًا.
ما أن أبالي حين أقتل مسلمًا ... على أي شق كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع
فقتله ابن الحارث، فكان خُبيب هو الذي سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبرًا، فاستجاب الله بعاصم بن ثابت يوم أصيب فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه خبرهم وما أصيبوا، وبعث ناس من كفار قريش إلى عاصم حين حُدِّثوا أنه قتل ليؤتوا بشيء منه يعرف، وكان قد قتل رجلًا من عظمائهم يوم بدر، فبعث على عاصم مثل الظلة من الدَّبْرِ فحمته من رسولهم، فلم يقدروا على أن يقطع من لحمه شيء.
وذكره في المغازي قال فيه: فنفروا لهم بقريب من مائة رجل رام، وقال