للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله، قال: "قُلْتُمْ أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْركَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ" قالوا: قد كان ذلك، قال: "كَلَّا إِنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، هَاجَرْتُ إِلَى اللهِ وَإِلَيْكُمْ، الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ

وَالْمَمَاتُ مَمَاتكُمْ" فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضن بالله ورسوله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله وَرَسُولَهُ يُصْدِقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ" قال: فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان، وأغلق الناس أبوابهم، قال: وأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل إلى الحجر فاستلمه ثم طاف بالبيت، قال: فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه، قال وفي يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوس وهو آخذ بسية القوس، فلما أتى على الصنم جعل يطعن في عينيه ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} فلما فرغ من طوافه أتى الصفا، فعلا عليه حتى نظر إلى البيت، فرفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعوه.

وفي أخرى: "مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِن، وَمَنْ أَلْقى السِّلاَحَ فَهُو آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَا قُلْتُمْ أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَخَذَتْهُ رَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِه وَرَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ أَلاَ فَمَا اسْمِي إَذًا -ثلاث مرات- أَنَا مُحَمَّدٌ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولهُ" (١).

وقال النسائي في هذا الحديث: ولجأت صناديد قريش وعظماؤها إلى الكعبة، يعني دخلوا فيها قال: فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى طاف بالبيت، فجعل يمر بتلك الأصنام فيطعنها بسية القوس ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} حتى إذا فرغ وصلى جاء فأخذ بَعضَادَتَي الباب ثم قال: "يَا مَعْشَرَ قُرَيْشِ مَا تَقُولُونَ؟ " قالوا: نقول: ابن أخ وابن عم رحيم كريم، ثم أعاد عليهم القول: قالوا مثل ذلك، قال: "فَإِنِّي أَقُولُ كمَا قَالَ أَخِي يُوسُفُ: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} " فخرجوا فبايعوه على الإسلام.


(١) رواه مسلم (١٧٨٠) وأبو داود (٣٠٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>