للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنه كقوله تعالى: {وَمَاءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (١) .

ومثال السنة المحرمة: قوله صلى الله عليه وسلم. " لايجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها (٢) فأصل ذلك التحريم في الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَف} (٣) .

وهذا استدلال من لا يرى استقلال السنة بالتشريع، وقد عرفت مما سبق استدلال من يرى استقلالها.

فأمثال هذه السنة سواء كانت (واجبة أو محرمة) الأخذ بها هدى وتركها بعدم فعلها إذا كانت واجبة، وفعلها إذا كانت محرمة (ضلالة) كما في الحديث، وهو ما يتمشى مع تعريف الواجب والحرام عند الأصوليين.

فالواجب: مرادف للفرض عند الجمهور، هو ما طلب الشارع فعله على وجه اللزوم بحيث يأثم تاركه وقال الآمدى: "والحق في ذلك أن يقال: الوجوب الشرعي عبارة عن خطاب الشارع بما ينتهض تركه سببًا للذم شرعًا في حالة ما" (٤) .

أما الحرام فهو ضد الواجب: قال الآمدى: والحق فيه أن يقال: هو ما ينتهض فعله سببًا للذم شرعًا بوجه ما من حيث هو فعل له (٥) .

أما قوله صلى الله عليه وسلم. في الحديث: " وسنة في غير فريضة فالمراد بذلك السنة المباحة والمندوبة وقوله: "الأخذ بها فضيلة وتركها ليس بخطيئة" أي في فعلها ثواب، وليس في تركها عقاب، وهذا هو "المباح والمندوب" عند أهل الأصول.

فالمندوب: هو ما يثاب فاعله، ولا يعاقب تاركه، أو هو ما طلب الشارع فعله طلبًا غير حتم (٦) .


(١) الآية ٧ من سورة الحشر.
(٢) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: البخاري (بشرح فتح الباري) كتاب النكاح، باب لاتنكح المرأة على عمتها ٩/ ٦٤ رقم ٥١٠٩، ومسلم (بشرح النووي) كتاب النكاح، باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح ٥/ ٢٠٥ رقم ١٤٠٨.
(٣) الآية ٢٣ من سورة النساء.
(٤) البحر المحيط للزركشي ١/ ١٨١ _ ١٨٤، والإحكام للآمدي ١/ ٩٢، وأصول الفقه للخضري ص ٣٩.
(٥) الإحكام للآمدي ١/ ١٠٦.
(٦) أصول الفقه للخضري ص ٥٤، وانظر: أصول الفقه للشيخ خلاف ص ١١١.

<<  <   >  >>