للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. يقول المحقق ابن الجزرى: (١) "ثم إن الاعتماد فى نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على خط المصاحف والكتب. وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة، ففى الحديث الصحيح الذى رواه مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "إن ربى قال لى قم فى قريش فأنذرهم، فقلت له: أى رب إذن يَثْلَغُوا رَأْسى حتى يدعوه خُبْزَةً فقال: إنى بمتليك ومبتل بك، ومنزل عليك كتاباً لا يَغْسِلُهُ الماء، تَقْرَؤُهُ نَائِماً وَيْقَظانَ، فابعث جنداً أبعث مثلهم، وقاتل بمن أطاعك من عصاك وأنفق ينفق عليك" (٢) . فأخبر تعالى أن القرآن لا يحتاج فى حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء بل يقرأ فى كل حال كما جاء فى صفة أمته: "أنا جيلهم صدورهم". وذلك بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه إلا فى الكتب، ولا يقرأونه كله إلا نظراً، لا عن ظهر قلب" (٣) .

ويقول الشيخ محمد الزرقانى -رحمه الله-: "قلنا غير مرة إن المعوَّل عليه فى القرآن الكريم إنما هو التلقى والأخذ، ثقة عن ثقة، وإماماً عن إمام إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وإن المصاحف لم تكن ولن تكون هى العمدة فى هذا الباب، إنما هى مرجع جامع للمسلمين، على


(١) ابن الجزرى هو: محمد بن محمد بن على بن يوسف بن الجزرى، أبو الخير، كان إماماً فى القراءات لا نظير له، حافظاً للحديث وغيره أتقن منه، ولى قضاء الشام وشيراز، من مؤلفاته: النشر فى القراءات العشر، وطبقات القراء، وغير ذلك مات سنة ٨٣٣هـ. له ترجمة فى: طبقات الحفاظ للسيوطى ص٥٤٩ رقم ١١٨٣، والدرر الكامنة لابن حجر ٣/٣٩٥، وطبقات المفسرين للداودى ٢/٦٤ رقم٤٣٠، وشذرات الذهب ٧/٢٠٤، والبدر الطالع للشوكانى ٢/٢٥٧.
(٢) مسلم (بشرح النووى) كتاب الجنة، باب الصفات التى يعرف بها فى الدنيا أهل الجنة وأهل النار ٩/٢١٤ رقم ٢٨٦٥.
(٣) النشر فى القراءات العشر ١/٦، وانظر: حجية السنة للدكتور عبد الغنى ص ٤٠٧، ومناهل العرفان للشيخ الزرقانى ١/٢٤٣.

<<  <   >  >>