للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحديث ليس على حقيقته كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء، وإنما الكلام على سبيل التشبيه، وأن هذه الأنهار تشبه أنهار الجنة فى صفتها وعذوبتها، وكثرة خيراتها ونفعها للناس، وهو تأويل مقبول ومستساغ لغة وشرعاً ومن تتبع كلام العرب فى الجاهلية، وصدر الإسلام يجد من أمثال ذلك الشئ الكثير (١) .

وقيل: إن فى الكلام حذفاً، والتقدير "من أنهار أهل الجنة" ففيه تبشير من النبى صلى الله عليه وسلم أن الله سينجز له وعده، وسينصره، وسيظهر له دينه على الأديان كلها حتى يبلغ مواطن هذه الأنهار الأربعة وغيرها – إذ ذكرها على سبيل التمثيل لا الحصر – وهذا ما كان فلم يمضى قرن من الزمان حتى امتد سلطان الإسلام من المحيط الأطلسى إلى بلاد الهند (٢) .

...

وذهب بعض العلماء إلى أن الحديث على ظاهره وفى ذلك يقول الحافظ ابن دحية: "قرأت فى تفسير القرآن العظيم، عند قول الله الكريم {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} (٣) أنهما النيل والفرات، أنزلا من الجنة من أسفل درجة منها على جناح جبريل، فأودعهما بطون الجبال، ثم إن الله سيرفعهما ويذهب بهما عند رفع القرآن، وذهاب الإيمان، فلا يبقى على الأرض خير، وذلك قوله جل من قائل: {فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} (٤) . ذكره النحاس فى "معانى القرآن العزيز" له بأتم من هذا، وأسنده فاختصرته (٥) .


(١) انظر: الإسراء والمعراج ص ٦١، ودفاع عن السنة ص١٢٧ كلاهما للدكتور محمد أبو شهبة.
(٢) دفاع عن السنة للدكتور أبو شهبة ص ١٢٧، وانظر: السنة ومنهجها فى بناء المعرفة والحضارة ٢/٨٨٨.
(٣) الآية ١٨ من سورة المؤمنون.
(٤) جزء من الآية ١٨ من سورة المؤمنون.
(٥) معانى القرآن للإمام أبى جعفر النحاس٤/٤٥٠،٤٥١،وانظر: الابتهاج فىأحاديث المعراج ص١٤٨

<<  <   >  >>