للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففى هذه الحالة يتعين على الراوى الرواية باللفظ الذى سمعه، ولا تجوز له الرواية بالمعنى بلا خلاف" (١) .

وهل كل ذلك إلا حفاظاً من المحدثين على سلامة المتن؟

... وليس أدل على عناية المحدثين بنقد المتون من جعلهم من أمارة الحديث الموضوع، مخالفته للعقل، أو المشاهدة والحس، مع عدم إمكان تأويله تأويلاً قريباً محتملاً، وأنهم كثيراً ما يردون الحديث لمخالفته للقرآن، أو السنة المشهورة الصحيحة، أو التاريخ المعروف مع تعذر التوفيق" (٢) .

... ومن نماذج سبر المحدثين المتن فى نقدهم للحديث خبر وضع الجزية عن يهود خيبر، وهو ما حكاه غير واحد من العلماء؛ كالحافظ السبكى (٣) ، وابن كثير (٤) ، والسخاوى (٥) "أن بعض اليهود أظهروا كتاباً، وادعوا أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسقاط الجزية عن أهل خيبر، وفيه شهادة بعض الصحابة رضي الله عنهم وذكروا أن خط على رضي الله عنه عليه. وحمل الكتاب فى سنة سبع وأربعين وأربعمائة إلى رئيس الرؤساء أبى القاسم على بن الحسن وزير القائم بأمر الله الخليفة العباسى، فعرضه رئيس الرؤساء، على الحافظ الخطيب البغدادى، فتأمله ثم قال: هذا مزور.


(١) تدريب الراوى ٢/٩٨، وراجع: إن شئت ما سبق فى الجواب على شبهة رواية الحديث بالمعنى ص٣٦٨-٣٦٩.
(٢) دفاع عن السنة للدكتور أبو شهبة ص ٣١، ولمزيد فى الرد على هذه الشبهة انظر: منهج النقد عند علماء الحديث، والسنة المطهرة والتحديات كلاهما للدكتور نور الدين عتر، ومنهج نقد المتن عند علماء الحديث للدكتور صلاح الدين الأدلبى، واهتمام المحدثين بنقد الحديث سنداً ومتناً، ودحض مزاعم المستشرقين وأتباعهم للدكتور محمد لقمان السلفى.
(٣) طبقات الشافعية الكبرى ٤/٣٥.
(٤) البداية والنهاية ١٢/١٠٨ – ١٠٩.
(٥) الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ ص٢٤، ٢٥.

<<  <   >  >>