للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستمر طلب الإسناد والبحث عنه مع زمان الصحابة، ودليل ذلك سؤال عمر رضي الله عنه أبا موسى الأشعرى -وغيره (١) - أن يأتوا بشاهد على صحة ما رووا من الأحاديث. وهذا طلب أشد من عموم السند، إذ هو طلب لإثبات نسبة الكلام إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وكلام ابن سيرين دليل لهذا التقدم فى طلب الإسناد (٢) .

وإذا كانت بداية الإسناد متواضعة فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم، وفى حياة الصحابة للبعد عن الكذب، إلى زمن الفتنة، فإن هذا العلم اشتد الأخذ به بعد الفتنة، حتى ما قارب القرن الأول نهايته، حتى بلغ علم الإسناد مبلغاً عظيماً (٣) أ. هـ.

... أما ما زعمه بعض دعاة الفتنة، وأدعياء العلم من المستشرقين، ومن قال بقولهم، من أن الأسانيد اخترعت من قبل الضعفاء والكذابين، وركبت على المتون المختلقة، وإيهامهم بأن ذلك التبس على المحدثين.

... فنقول نعم: اخترعت الأسانيد وركبت عليها المتون المختلفة ولكن هذا لم يخفى على جهابذة المحدثين وأئمة الجرح والتعديل-فلقد تنبهوا إلى هذا قبل أن يدعى أدعياء العلم بأكثر من ألف سنة، ولم يخف عليهم ذلك، كما يحاول الإيهام بذلك أهل الزيغ والهوى.

... ولذلك نجد علماء الحديث كما سبق وأن قلنا-يقررون عدم التلازم بين صحة السند وصحة المتن، وينبهون على الكذابين المختلقين للأسانيد.

وفى ذلك يقول ابن الجوزى (ت ٥٩٧هـ) وهو يبين أصناف الوضاعين.


(١) انظر: المصدر السابق ص ١٤، ١٥، وانظر: ما ساقه الحاكم فى معرفة علوم الحديث ص ٧ على رحلة غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم فى طلب الإسناد، وانظر: تدريب الراوى ٢/١٦٠، ١٦١، والسنة المطهرة والتحديات للدكتور نور الدين عتر ص ٣٦، ٣٧.
(٢) الفكر المنهجى عند المحدثين ص ٦٠.
(٣) دراسات فى الحديث النبوى للدكتور الأعظمى ٢/٣٩٢ بتصرف، وللمزيد من الرد على هذه الشبهة انظر: المصدر نفسه ٢/٣٩٧ – ٤٣٣.

<<  <   >  >>