للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ} [الْبَقَرَةِ: ٧٦] مِنْ تَصْدِيقِ مَنْ قَالُوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [الْبَقَرَةِ: ٢٨٥] ؟! وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

كَفَاكَ مَا قَدْ قَالَهُ الرَّسُولُ ... إِذْ جَاءَهُ يَسْأَلُهُ جِبْرِيلُ

عَلَى مَرَاتِبٍ ثَلَاثٍ فَصَّلَهْ ... جَاءَتْ عَلَى جَمِيعِهِ مُشْتَمِلَهْ

الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ ... وَالْكُلُّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَرْكَانِ

"كَفَاكَ" أَيُّهَا الطَّالِبُ الْحَقَّ "مَا قَدْ قَالَ الرَّسُولُ" مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذْ" حِينَ "جَاءَهُ يَسْأَلُهُ" عَنْ مَرَاتِبِ الدِّينِ وَشَرَائِعِهِ "جِبْرِيلُ" عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ "عَلَى مَرَاتِبٍ ثَلَاثٍ فَصَّلَهْ" فِي تِلْكَ الْأَجْوِبَةِ الصَّرِيحَةِ "جَاءَتْ" أَيِ: الثَّلَاثُ الْمَرَاتِبُ "عَلَى جَمِيعِهِ" أَيْ: عَلَى جَمِيعِ الدِّينِ "مُشْتَمِلَهْ" وَلِهَذَا سَمَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِلْكَ الْأُمُورَ "الدِّينَ" فَقَالَ: "هَذَا جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ"١.

[مَرْتَبَةُ الْإِسْلَامِ] :

"الْإِسْلَامِ" بِالْخَفْضِ بَدَلٌ مُفَصَّلٌ مِنْ مُجْمَلِ مَرَاتِبَ, وَيُقَالُ لَهُ: بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ, وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفَانِ عَلَيْهِ. هَذِهِ هِيَ الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى فِي حَدِيثِ عُمَرَ وَمَا وَافَقَ لَفْظَهُ.

وَالْإِسْلَامُ لُغَةً: الِانْقِيَادُ وَالْإِذْعَانُ, وَأَمَّا فِي الشَّرِيعَةِ فَلِإِطْلَاقِهِ حَالَتَانِ:

"الْحَالَةُ الْأُولَى" أَنْ يُطْلَقَ عَلَى الْإِفْرَادِ غَيْرَ مُقْتَرِنٍ بِذِكْرِ الْإِيمَانِ, فَهُوَ حِينَئِذٍ يُرَادُ بِهِ الدِّينُ كُلُّهُ أُصُولُهُ وفروعه من اعتقاداته وَأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ, كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آلِ عِمْرَانَ: ١٩] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [الْمَائِدَةِ: ٣] وَقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آلِ عِمْرَانَ: ٨٥] وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً}


١ طرف من حديث تقدم تخريجه وطرقه, والباب معقود عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>