للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِشْرِينَ مَجْلِسًا لَهُ, كَفَّرَهُ فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا وَهِيَ قَوْلُهُ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَعَدَمِ الْمَعَادِ الْجُثْمَانِيِّ وَقَوْلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ الْجُزْئِيَّاتِ وَبَدَّعَهُ فِي الْبَوَاقِي قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ وَيُقَالُ إِنَّهُ تَابَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأُلَى قَالُوا مَقَالَتَهُ إِلَى الْكُفْرَانِ يَعْنِي بِذَلِكَ أَتْبَاعَ ابْنِ سِينَا وَأَنْصَارَ زَنْدَقَتِهِ وَمِنْ أَكْبَرِهِمْ وَأَشْهَرِهِمُ النَّصِيرُ الطُّوسِيُّ وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَيُقَالُ لَهُ الْخَوَاجَا نَصِيرُ الدِّينِ فَإِنَّهُ انْتُدِبَ لِنَصْرِ مَذْهَبِ ابْنِ سِينَا وَالذَّبِّ عَنْهُ وَقَامَ فِي ذَلِكَ وَقَعَدَ وَشَرَحَ إِشَارَاتِهِ وَكَانَ يُسَمِّيهَا فِيمَا يَزْعُمُونَ قُرْآنَ الْخَاصَّةِ, وَيُسَمِّي كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى قُرْآنَ الْعَامَّةِ, وَرَدَّ عَلَى الشِّهْرِسْتَانِيِّ فِي مُصَارَعَتِهِ ابْنَ سِينَا بِكِتَابٍ سَمَّاهُ مُصَارَعَةَ الْمُصَارِعِ, قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ وَقَفْنَا عَلَى الْكِتَابَيْنِ نَصَرَ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ, وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا وَأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا بِقُدْرَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ, وَلَا يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَذَكَرَ عَنْهُ أَنَّهُ تَعَلَّمَ السِّحْرَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ فَكَانَ سَاحِرًا يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ إِلَى أَنْ قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ هَذَا الْمُلْحِدُ هُوَ وَأَتْبَاعُهُ مِنَ الْكَافِرِينَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قُلْتُ وَكَانَ الطُّوسِيُّ هَذَا فِيمَا ذَكَرَ أَهْلُ التَّارِيخِ وَزِيرًا لِهُولَاكُو خَانْ وَهُوَ الَّذِي بَنَى الرَّصَدَ بِمَرَاغَةَ وَرَتَّبَ فِيهِ الْحُكَمَاءَ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ وَالْأَطِبَّاءِ وَغَيْرِهِمْ, وَنَقَلَ إِلَيْهَا أَوْقَافَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ النَّفَقَاتِ وَالْمَكَاتِبِ وَغَيْرِهَا قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّهُ عَمِلَ الرَّصَدَ بِمَدِينَةِ مَرَاغَةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ فَعَمِلَ دَارَ حِكْمَةٍ وَرَتَّبَ فِيهَا فَلَاسِفَةً وَرَتَّبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ, وَدَارَ طِبٍّ فِيهَا لِلطَّبِيبِ فِي الْيَوْمِ دِرْهَمَانِ, وَمَدْرَسَةً لِكُلِّ فَقِيهٍ فِي الْيَوْمِ دِرْهَمٌ, وحديث لِكُلِّ مُحَدِّثٍ نِصْفُ دِرْهَمٍ فِي الْيَوْمِ وَقَدْ أَطَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ, وَأَمَّا هُولَاكُو خَانْ مَلِكُ التَّتَارِ الَّذِي كَانَ الطُّوسِيُّ وَزِيرًا لَهُ فَذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ هَلَاكَهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَقَالَ كَانَ مَلِكًا جَبَّارًا كَفَّارًا لَعَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى, قَتَلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ شَرْقًا وَغَرْبًا مَا لَا يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إِلَّا الَّذِي خَلَقَهُمْ وَسَيُجَازِيهِ عَلَى ذَلِكَ شَرَّ الْجَزَاءِ كَانَ لَا يَتَقَيَّدُ بِدِينٍ مِنَ الْأَدْيَانِ وَإِنَّمَا كَانَتْ زَوْجَتُهُ ظُفْرُ خَاتُونَ قَدْ تَنَصَّرَتْ وَكَانَتْ تُفَضِّلُ النَّصَارَى عَلَى سَائِرِ الْخَلْقِ, وَكَانَ أَهْلُهَا مِنْ أَفْرَاخِ الْفَلَاسِفَةِ لَهُمْ عِنْدَهُ وَجَاهَةٌ وَمَكَانَةٌ, وَهُوَ كَانَ يَتَرَامَى عَلَى مَحَبَّةِ الْمَعْقُولَاتِ وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا شَيْئًا

<<  <  ج: ص:  >  >>