للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ. مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ١. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا مَجْزُومًا بِهِ. وَقَالَ النَّبِيُّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مُلِئَ عَمَّارٌ إِيمَانًا إِلَى مُشَاشِهِ" ٢ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ, فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ, فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ" ٣. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَوْ وُزِنَ إِيمَانُ أَبِي بَكْرٍ بِإِيمَانِ أَهْلِ الْأَرْضِ لَرَجَحَ٤.

وَقَرَأَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ٥ رَحِمَهُ اللَّهُ أَوَّلَ الْأَنْفَالِ حَتَّى بَلَغَ {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الْأَنْفَالِ: ٤] قَالَ حِينَ فرغ: إن هذا الْآيَةَ تُخْبِرُكَ أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ, وَأَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ مُؤْمِنًا حَقًّا فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ, فَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ حَقًّا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَهُوَ شَاكٌّ فِي كِتَابِ اللَّهِ مُكَذِّبٌ بِهِ, أَوْ جَاهِلٌ لَا يَعْلَمُ. فَمَنْ كَانَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ حَقًّا مُسْتَكْمِلُ الْإِيمَانِ, وَلَا يَسْتَكْمِلُ الْإِيمَانَ إِلَّا بِالْعَمَلِ, وَلَا يَسْتَكْمِلُ عَبْدٌ الْإِيمَانَ وَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا حَقًّا حَتَّى يُؤْثِرَ دِينَهُ عَلَى شَهْوَتِهِ, وَلَنْ يَهْلِكَ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْثِرَ شَهْوَتَهُ عَلَى دِينِهِ. يَا سَفِيهُ مَا أَجْهَلَكَ, لَا تَرْضَى أَنْ تَقُولَ أَنَا مُؤْمِنٌ حَتَّى


١ البخاري تعليقا "١/ ١٠٩" في الإيمان، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر. قال الحافظ في الفتح: هذا التعليق وصله ابن أبي خيثمة في تاريخه، لكن أبهم العدد. وكذا أخرجه محمد بن نصر المروزي مطولا في كتاب الإيمان له، وعينه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه من وجه آخر مختصرا كما هنا.
٢ النسائي "٨/ ١١١" في الإيمان، باب تفاضل أهل الإيمان. والحاكم "٣/ ٣٩٢-٣٩٣" وابن ماجه "١/ ٥٢/ ح١٤٧" في المقدمة، باب فضل عمار بن ياسر، وأبو نعيم في الحلية "١/ ١٣٩" وهو حديث صحيح.
٣ مسلم"١/ ٦٩/ ح٤٩" في الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان.
٤ رواه أحمد في فضائل الصحابة "ح٦٥٣" بإسناد فيه أيوب بن سويد الرملي وهو ضعيف جدا وتابعه ابن المبارك عند أبي خيثمة في فضائل أبي بكر "ص١٣٣" والبيهقي في الشعب "١: ٢٥-٢٦" وأبو عثمان الصابوني في عقائد السلف "ح١١٠" فإسناده صحيح. ورواه عبد الله في السنة "ح٨٢٣" بإسناد حسن.
ورواه معاذ في زيادات مسند مسدد والحكيم وحسنه في فضائل الصحابة ورسته في الإيمان "كنز المال ح٣٥٦١٤".
٥ من هنا: من كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد رحمه الله تعالى "ح٨١٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>