بل إن دائرة العبادة التي خلق الله لها الإنسان ن وجعلها غايته في الحياة، ومهمته في الارض، دائرة رحبة لا حبة واسعة،: إنها تشمل شؤون الإنسان كلها، وتستوعب حياته جميعاً، وتستغرق كافة مناشطه وأعماله.
وبهذا المعنى الشامل، فهم السلف الصالح عبادة الإنسان فرداً كان أو جماعة.
وقد لخص هذا المعنى الشامل للعبادة، وحدد ماهيتها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - حين قال (العبادة: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة) .
وبهذا التعريف الجامع لا يمكن أن يخرج أي شيء من نشاطات الإنسان وأعماله، سواء كان في ذلك العبادات المحضة، أو في المعاملات المشروعة، أو في العاديات التي طبع الإنسان على فعلها.
أما في العبادات والمعاملات المشروعة فإنها مما يحبه الله ويرضاه، وهذا أمره الشرعي الدائر بين الأحكام الخمسة التي اصطلح عليها الفقهاء.
أما في العاديات فالذي لم يحد منها بأوامر الشرع، ولم يقيد بأحكامه على وجه الخصوص، فإنه لا يخرج عن كونه داخلاً تحت عمومات الشرع باعتبار عبودية الإنسان في كل أحواله لله سبحانه، وباعتبار أن (العادات لها تأثير عظيم فيما يحبه الله، أو فيما يكرهه، فلهذا أيضاً - جاءت الشريعة بلزوم عادات السابقين الأولين في أقوالهم وأعمالهم وكراهة الخروج عنها على غيرها من غير حاجة) .
وإن كان ينبغي لنا هنا الإشارة في العبادات المحضة المنع، حتى يرد ما يدل على مشروعيتها، وأن أصل العادات العفو حتى يرد ما يدل على منعها، وذلك مبنى على (أن تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان: