عن مسمى البدعة ولا مسمى الضلالة، وإن كان الحكم على المبتدع يختلف باختلاف حاله من حيث الجهر والإستتار، والاستتار، والدعوة وعدمها كما سيأتي.
ويا للعجب كيف ينفي وصف المضاهاة عن البدعة، وهو وصف معلوم بالاستقراء من الأدلة، وأحوال المبتدعة، ويضيف إليها وصف الاقتداء الذي ليس بلازم لها، فكأنه يقول: إذا لم تكن البدعة في موضع اقتداء فليست ببدعة.
٣- أما وقوع الذنب موقع الاقتداء، فلا شك أن ذلك مما تشترك فيه المعاصي والبدع، من حيث وقوع الوزر على من سن السنة السيئة، لقوله تعالى:
((ليحملوا أوزارهم كاملة ً يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم)) .
قال الشاطبي رحمه الله:(وإذا اقتدي بصاحب البدعة الصغيرة، كبرت بالنسبة إليه، لإن كل من دعا إلى ضلالة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها، فعلى حسب كثرة الأتباع يعظم الزور، وهذا بعينه موجود في صغائر المعاصي ... ) .
على هذا لا يصح أن يكون وصف الاقتداء خاصاً بالبدعة، أما المضاهاة فتصح أن تكون وصفا ً خاصاً بالبدعة الشرعية.
ولا يشترط أن تكون المضاهاة خاصة بالإلزام أو المنع أو التشريع الزائد فقط، بل وتكون مع ذلك بالتخصيص الزماني أو المكاني، والتخصيص بالهيئة والطريقة، ونحو ذلك من أنواع التخصيص، الذي لا يكون إلا من قبل الشرع، وتكون بالاعتماد على شبه الأدلة الشرعية، وتكون المضاهاة كذلك بقصد القربة بالعمل المبتدع، وهذا أوسع أبواب المضاهاة، فإن المبتدع إنما يريد ببدعته القرب إلى الله سبحانه والتعبد بهذا العمل المحدث، فهو يضاهي بقصده هذا وإرادته العمل المشروع.