ويراد به كذلك استحسان الفعل المحدث، وإن لم يلحق به حكما ً شرعيا ً، وإن كان ذلك غير متصور؛ لأن من لوازم استحسانه إلحاق وصف شرعي به، وإلصاق حكم تشريعي بالبدعة.
وقصد القربة يتوجه إلى العمل الذي لا يتصور فيه غير إرادة القربة كالعبادات المحضة، وهي حق خالص لله سبحانه، فلا بد من مطابقة فعل العبد لأمر الشرع.
وكل ما فهم من الشرع أنه لا خيرة للعبد فيه، سواء ً كان له معنى ً معقول أو غير معقول، فإنه مما يعلم أن قصد الشارع فيه الوقوف عند ما حده من غير زيادة ولا نقصان.
والعبادة التي هي حق لله سبحانه وتعالى لا يتصور فيها غير إرادة القربة فالإحداث فيها يسمى ابتداعا ً، سواء ً قصد القربة أو افتراض أنه لم يقصد القربة، فلو أحيا ليلة النصف من شعبان بعبادة ٍ مخصوصة كالصلاة والذكر فهو مبتدع، حتى مع افتراض عدم قصده للقربة.. مع أن هذا الافتراض تخيلي لا يمكن وقوعه.
ويتوجه قصد القربة كذلك إلى العمل الذي يحمل أوجهاً متعددة مثل الأمور الدنيوية، فينظر إلى الفعل باعتبار الوجه الغالب عليه، أو باعتبار وجه القربة إذا اتحدت أوجه الفعل الواحد، ويتضح هذا بالمثال:
فمن لبس ثوبا ً بلون ٍ معين، ولم يرد بذلك القربة فلا يوصف هذا العمل بالبدعة؛ لأنه مباح، إلا إذا ألحقته أمور منهي عنها، كالإسبال والاشتهار، فإنه يكون معصية.