للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذكر ... إلا أن المؤلف زاد مقصده وضوحاً، حين تحدث عن البدعة بمفهومها الشرعي، فقال:

(وقيدها بعضهم بما حدث بعد الرسول صلى الله عليه وسيلم وخالف سنته وهو ما اخترناه وأقمنا الدليل عليه) .

فاشتراطه وصف المخالفة للسنة في قوله: (يبطل شرعا ً أو يسقط حكما ً) هو مثل قول الغزالي: (بل المنهي بدعة تضاد سنة ثابتة، أو ترفع أمرا ً من الشرع) ، وقد أخذ هذا المعنى تلميذه ابن العربي المالكي، فقال:

(وإنما يذم من البدعة ما خالف السنة) .

وهذه الأوصاف وإن كانت تصح على البدع في عمومها، ولكنها لا تصلح أن تكون شروطا ً لاعتبار الأمر بدعة، لأن القاعدة الكلية في ذلك هي قوله صلى الله عليه وسلم: ((كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)) ، فلا معنى لهذا الاشتراط سوى حصر البدع في هذه الأوصاف، وقد علم أن البدع كثيرة متنوعة، وليست كل واحدة منها في مقابل سنة أو رافعة لحكم شرعي، وعلى هذا نقول: إن كل بدعة أحدثت في هذا الدين فهي ضلالة، سواء ً كانت معطلة لحكم شرعي أو سنة نبوية أم غير معطلة، فإنها كلها منهي عنها، ومذموم، ومع اختلاف درجات الذم، وهذه هي الأوصاف القائلة بأن البدعة هي المضادة لسنة ثابتة أو الرافعة لأمر من الشرع مع بقاء علته، أو المبطلة لحكم شرعي، أو المصادمة لنص شرعي في مقابلها أو المخالفة لهدي نبوي يقابلها، أو أن البدعة هي ما نهي عنها بخصوصها، كل هذه الأوصاف لا تصلح أن تكون حدا ً حقيقيا ً لمعنى البدعة، وإن كان بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>