للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ذلك أن يكون نظره غليها نظراً متكاملاً، فلا يؤمن ببعض ويكفر ببعض، ولا يستدل بنص مُجْتزأ عن النصوص الأخرى أو معزول عنها، كما يفعل غالبية أهل الابتداع، بل لابد من الإحاطة بالنصوص في المسألة التي يريد إصدار الحكم فيها، إحاطة موقن بأنه لا يمكن أن تتناقض النصوص الشرعية الثابتة.

وعلى هذا فلا بد من النظر إلى هذه الأحاديث، التي يستدل بها المبتدع بهذا المعيار، الذي من تجاوزه تخبّط في أحكامه.

فالدعوة إلى الهدُى أو استنان سنة الخير، أو إيجاد السنة الحسنة، كل ذلك لابد أن يكون مضبوطاً بالضوابط الشرعية الثابتة بالنصوص الكثيرة:

وعلى هذا فلا بد من النظر إلى هذه الأحاديث، التي يستدل بها المبتدع بهذا المعيار، الذي من تجاوزه تخبط في أحكامه.

فالدعوة إلى الهُدى أو استنان سنة الخير، أو إيجاد السنة السحنة، كل ذلك لابد أن يكون مضبوطاً بالضوابط الشرعية الثابتة بالنصوص الكثيرة: فمن هذه الضوابط أن العمل الذي يعمله الإنسان مريداً به القربة على الله، لابد أن يكون مشروعاً في أصله، فإذا لم يكن كذلك فهو ابتداع أو ضلال، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة".

فمن رأى هذا النص الذي كان ينادي به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في خُطَبِهِ، وقارنه مع قوله: " من سن سنة حسنة" أو " من استن خيراً فاستُن به " يجد أن لا تناقض بينها ولا تضاد، فاستنان الخير ليس على إطلاقه بل هو مضبوط بكونه مشروعاً، فإن لم يكن له أصل شرعي معتبر يدل عليه، فهو ابتداع وضلال، حتى ولو كان في ذاته فعل خير.

فملاً صلاةُ الرغائب تعتبر في ذاتها ـ مجردة عما يلحق بها ـ من أفعال الخير لوجود الذكر والتلاوة والتعبد بالركوع والسجود فيها، ولكن فعل الخير هذا لمّا لم يكن له أصل من الشرع، من حيث الهيئةُ والزمان، أصبح من البدع والمنكرات، وهكذا سائر البدع المحدثة في دين الله، وليس اعتبار الخيرية في عمل من الأعمال كافٍ في جعل هذا العمل مشروعاً، حتى يُعلم أن هذا الخير له أصل في الشرع لا من جهته الذاتية المنفصلة، بل ومن جهة ما يتبعه من هيئات وصفات ومتعلقات ...

<<  <  ج: ص:  >  >>