شيطانياً، ويُعرف ذلك بحال صاحبه، كما تقدم، ويعرف كذلك بالشيء المُلهَم به، فإن كان ما وقع في القلب من علم أو إرادة أو عمل، مضاداً للشريعة بالابتداع، وللكتاب والسنة بالاستدراك والأحاديث، فهو إلهام شيطاني، كما يقع لكثير من الصوفية وغيرهم المبتدعة، وإن كان الذي وقع في القلب إنما هو من باب الترجيح بين الأدلة المتكافئة، أو النظر في مناط الحكم، أو عند الاشتباه بين الحلال والحرام ونحو ذلك، وكان الذي وقع عليه الإلهام ممن شرح الله صدره بالإيمان، ووفقه للعلم النافع، وهداه للاعتصام بالسنة، فهو إلهام رحماني، يعتبر دليلاً في حقه، وترجيحُهُ بهذا الإلهام ترجيحٌ شرعيٌ، بشرط أن لايكون مخالفاً للشرع.
وبهذا التقسيم يمكن معرفة المعتبر من غيره في مسألة الإلهام، التي يُستَدل عليها بالأحاديث السابقة، وغيرها من الأحاديث والآثار.. ويمكن معرفة مراد السلف في إنكارهم وذمهم للمتكلمين على الوساوس والخطرات من الصوفية، حيث كان كلامهم في ذلك لا يستند على دليل شرعي بل إلى مجرد رأي وذوق، وكذلك إنكارهم للكلام في مسائل الحلال والحرم، بمجرد الرأي، من غير دليل شرعي.
ومع هذا الإنكار ورد عنهم اعتبار الرجوع إلى ما في القلب عند الاشتباه والترجيح، ونحو ذلك من الحق الذي دلت عليه النصوص النبوية، وفتاوى الصحابة.
بحيث لا يكون في ذلك الرجوع، خروج على قاعدة " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " وقاعدة " كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة " ... وبهذا التقسيم المضبوط بالشروط، يتضح موقف من قبل الإلهام من أهل الأصول، ومن