للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي العبادة المخصوصة وأصلها الدعاء في اللغة) .

ومن هذا الباب قول عمر رضي الله عنه: (نعمت البدعة هذه) أراد بها البدعة بالمعنى اللغوي، وكان هذا المعنى معروفا ً في لغة العرب، فكانت تطلق لفظ البدعة على الأمر الجديد، كما روى الإمام أحمد عن ربيعة بن عباد الديلي قال: (إني لمع أبي، رجل ٌ شاب ٌ أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبع القبائل ووراءه رجل ٌ أحول وضيء ذو جمة ٍ يقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على القبيلة يقول: يا بني فلان، إني رسول الله إليكم، آمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ً، وأن تصدقوني حتى أُنفِذَ عن الله ما بعثني به، فإذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من مقالته قال الآخر من خلفه، يا بني فلان إن هذا يريد منكم أن تسلخوا اللات والعزى وحلفاءكم من الحي بني مالك بن أقيش إلى ما جاء به من البدعة والضلالة فلا تسمعوا له، ولا تتبعوه، فقلت لأبي من هذا؟ فقال: عمه أبو لهب) .

وقد فهم جماعة من العلماء هذا المراد من قول عمر رضي الله عنه ونصوا على ذلك في كلامهم، وإليك قول طائفة منهم على سبيل التمثيل:

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في جامع العلوم والحكم: (فكل من أحدث شيئا ً ونسبه إلى الدين، ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة والدين بريءٌ منه، وسواء ٌ في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة، وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع، فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر رضي الله عنه لما جمع الناس في قيام رمضان على إمام ٍ واحد ٍ في المسجد وخرج ورآهم يصلون كذلك، فقال: (نعمت البدعة هذه) .

<<  <  ج: ص:  >  >>