وضع الشافعي قواعد في أصول هذا الدين، تدل الناظر فيها على عكس ما توهم المبتدع، الذي يستشهد بما توهم من كلام الشافعي في تعريف البدعة، على استحسان بعض المحدثات، وهذا المحدثات وهذه القواعد تدل بجلاء على أن تعريف الشافعي للبدعة المحمودة، لا بد أن يحمل على غير ما ذهب إليه المحسن للبدع. فمن هذه القواعد قوله عليه رحمه الله (وما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على التحريم، حتى تأتي دلالة منه على أنه أراد به غير التحريم) .
فإذا نظرت إلى قوله صلى الله عليه وسلم:" وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة "، وقوله:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد "، وجدت أن النهي هنا للتحريم، ولم يرد نص واحد فيه دلالة على النهي ليس للتحريم، بل النصوص متضافرة على هذا المعنى، فهل يقال بعد هذه القاعدة، بأن الشافعي يرى تحسين ما حرمه الله؟ معاذ الله.
ومن القواعد الأصولية التي قالها الشافعي رحمه الله:(فكل كلام كان عاماً ظاهراً في سنة رسول الله على ظهوره وعمومه، حتى يعلم حديث ثابت عن رسول الله بأبي هو وأمي يدل على أنه إنما أريد بالجملة العامة في الظاهر بعض الجملة دون بعض ... ) .
وقوله صلى الله عليه وسلم:" كل بدعة ضلالة "، من العام الظاهر الذي لم يرد على الشرع كله، ما يدل ولا بمفهوم المخالفة على تخصيص شيء منه.
وهذه القاعدة تنقض ما استدل به المحسن للبدع من كلام الشافعي رحمه الله.