والأصوليين أغلب لاسيما إذا تكلموا في مسائل التصويب والتخطئة..)
وهذا الذي قاله شيخ الإسلام حق, لأن من تأمل نصوص الشريعة وفهم السلف لهذه النصوص, يجد أن أصول الدين غير منحصرة في المسائل الخيرية لوجود أصول للدين في الأحكام العملية, لوجود فروع في المسائل الخيرية لا يمكن أن تعد من أصول الدين..
ومن أجل هذا الحصر الذي يخالف الدليل, وقع خلط واضطراب عند الحكم على المبتدع في فروع المسائل العلمية والمبتدعة في أصول وفروع المسائل العملية ...
وقد وضح شيخ الإسلام هذه المعاني فقال:
( ... فالعلم بوجوب الواجبات كمباني الإسلام الخمس وتحريم المحرمات الظاهرة المتواترة, كالعلم بأن الله على كل شيء قدير وبكل شيء عليم وأنه سميع بصير, وأن القرآن كلام الله, ونحو ذلك من القضايا الظاهرة المتواترة ولهذا من جحد تلط الأحكام العملية المجمع عليها كفر, كما أن من جحد هذه كفر.
وقد يكون الإقرار بالأحكام العلمية أوجب من الإقرار بالقضايا القولية, بل هذا هو الغالب فإن القضايا القولية يكفي فيها الإقرار بالجمل, وهو الإيمان بالله وملائكته, وكتبه, ورسله, والبعث بعد الموت, والإيمان بالقدر خيره وشرره.
وأما الأعمال الواجبة فلا بد من معرفتها على التفصيل لأن العمل بها لا يمكن إلا بعد معرفتها مفصلة) .
وعلى ما سبق يتضح أن أصول الدين لا يكن أن تحصر في القضايا الخيرية العلمية, بل ولا تكون كل مسائلها من أصول الدين بل بعضها من فروعه, كما أن الأحكام العملية لا يمكن أن تعد جميعها من فروع الدين, بل بعضها من أصوله..